ما رأى الناس من قصور على الما … ء سواها تسير سير القداح (?)
كأنها وعل (?) ينحطّ من شاهق، أو عرباض (?) سابق يحثّه سائق، أو عقرب شائله (?)، أو عقاب صائله (?). . حاكمها (?) عادل فى حكه، عارف بنقض أمرها وبرمه (?)، يهتدى بالنجوم، ويبتدئ باسم الحى القيّوم. . وبينما نحن من البحر فى قاموسه (?)، كتب الجوّ حروف الغيم فى طروسه، وثارت ريح عاصف، يتبعها رعد قاصف، فمالت بنا الفلك (?) واضطربت، ودنت شفتها من رشف الماء واقتربت، واستمرت تعلو على الأوتاد (?)، وتهيم فى كل واد.
وتضرم فى الكبود نار ناجر (?)، إلى أن (بلغت القلوب الحناجر (?)). . ثم نظر إلينا من لا تخفى عليه السرائر، وأمر الجارية (?) بحمل عبيده إلى بعض الجزائر».
ونزلوا الجزيرة وتنزهوا فى رياضها ورأوا فيها نهرا أرضه ذهب وحصباؤه درر. ويمضى ابن حبيب فى الوصف بهذه اللغة النقية الصافية وذلك السجع القصير الذى يمتع الآذان والأذهان بجرسه وما بين الألفاظ من ملاءمات تجعل السجع يلذ الألسنة حين تنطق به، ويسر القلوب حين تستمع إليه. وبحق يقول ناصر الدين بن البارزى فى الكتاب مقرظا له: «لقد أشبه الدر فى انتظامه، والثغر فى ابتسامه، وقطر الندى فى انسجامه، وزهر الروض فى البكر إذا غنت على غصونه مطربات حمامه. . فهو فى اللطافة كالماء فى إروائه، وكالهواء المعتدل فى ملاءمة الأرواح بجوهر صفائه، وكالسلك إذا انتقى جوهره وأجيد فى انتقائه». وقد ختمه ابن حبيب بفصلين بديعين فى الحكم والمواعظ، ودائما يوشّى أسجاعه بمحسنات البديع من الجناس وغيره.