كتابه «الأعلاق الخطيرة» من مدرسى هذه المدرسة حتى زمن تأليفه لكتابه حوالى سنة 670 عشرة من كبار فقهاء الشافعية، ولا تتجاوز مدارس الشافعية بدمشق حتى عهد نور الدين عد أصابع اليد الواحدة، حتى إذا خلص الأمر لصلاح الدين والأيوبيين-وكانوا شافعية إلا ما كان من اعتناق المعظم عيسى للمذهب الحنفى-ازدهر المذهب الشافعى منذ هذا التاريخ، وقد جعل صلاح الدين قاضى القضاة بدمشق شافعيا، وبلغت مدارس الشافعية-كما أحصاها ابن شداد-أربعين مدرسة حتى أيامه. وإذا تصورنا أن المدرسين النابهين لكل مدرسة من هذه المدارس بلغوا حتى زمنه فى المتوسط أربعة من المدرسين يكون معنى ذلك أن المذهب الشافعى حظى حتى أواخر القرن السابع الهجرى فى دمشق وحدها بما لا يقل عن مائة وستين فقيها نابها، واطرد العمل بذلك فى هذه المدارس بدمشق وفيما أحصاه بعدها النعيمى فى كتابه «الدارس» وأيضا فيما قابلها من مدارس للشافعية فى حلب وغيرها من بلدان الشام الكبرى.

ومن المؤكد أن قرار الظاهر بيبرس بأن يكون للمذاهب الكبرى بجانب مذهب الشافعى قاض لم يحدث أثرا عكسيا فى المذهب كما كان يظنّ، إذ كان زمام القضاء فى أيام الأيوبيين بيد الشافعية وحدهم، بل ظل للمذهب ازدهاره، وظل له الجمهور الأكبر من الناس والفقهاء فى الشام، ونكتفى بالوقوف عند بعض مشهوريهم، فمنهم ابن (?) أبى عصرون قاضى القضاة بدمشق لعهد صلاح الدين المتوفى سنة 585 وبنى له قبل ذلك نور الدين المدارس بحلب وحماة وحمص وبعلبك، وبنى هو لنفسه مدرستين بحلب ودمشق، ويقول السبكى عنه: ملأ البلاد تصانيف وتلامذة، ويذكر من تصانيفه «صفوة المذهب» فى سبع مجلدات وكتاب الانتصار فى أربع مجلدات وكتاب المرشد فى مجلدين وكتاب الذريعة فى معرفة الشريعة، إلى غير ذلك من مصنفات كثيرة. ومن كبار فقهاء الشام بعده العز بن عبد السلام، ذكرناه بين فقهاء الشافعية بمصر، إذ استوطنها حتى وفاته.

وفى رأينا أن أعظم فقيه شافعى أنجبته الشام هو محيى الدين النووى (?) المتوفى سنة 676 عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015