السبكى فى كتابه طبقات الشافعية: لم يل القضاء بعده فى الشام إلا شافعى المذهب غير ابن حذلم قاضى الشام فإنه كان أوزاعى المذهب كما مرّ بنا. ومرّ بنا أيضا أنه ولى قضاء الشام حتى توفى سنة 325. ويغلب أن يكون هذا شذوذا وأن تكون عبارة السبكى صحيحة، كما يتضح ذلك لمن يرجع إلى كتاب قضاة دمشق لابن طولون. ومنهم عبد (?) الله بن محمد القزوينى قاضى الرملة المتوفى سنة 315 والحسين (?) بن أبى زرعة محمد بن عثمان المتوفى سنة 327 وكان قاضيا لدمشق فى زمن الإخشيد، وأبو (?) يحيى البلخى زكريا بن أحمد المتوفى سنة 330 وكان مثل سابقه قاضيا لدمشق. ومنهم أيضا أيام الفاطميين أبو بكر الميانجىّ قاضى دمشق المتوفى سنة 375. ويبدو أنه تجرد فى القرن الرابع فقهاء شافعية لعرض المذهب الشافعى ودراسته فى مدن الشام الكبرى، إذ نجد عبد المنعم بن غلبون الحلبى المتوفى سنة 389 مقرئ حلب يسلكه السبكى بين فقهاء الشافعية، ويقول إنه تلقن المذهب على الحصائرى (?) الحسن بن حبيب الدمشقى إمام مسجد باب الجابية بدمشق المتوفى سنة 338، ويلقانا فى القرن الخامس فقيه شافعى هو أبو (?) الخير المروزى يستوطن المعرّة سنة 418 ويدرس بها للطلاب حتى وفاته سنة 447 وله كتاب فى فقه الشافعى يسمى الذخيرة حمله عنه طلابه. ونلتقى من قضاة دمشق بأبى المظفر عبد (?) الجليل بن عبد الجبار المتوفى سنة 479 وكان يعاصره نصر (?) بن إبراهيم المقدسى المتوفى سنة 490 تفقه على الفقيه سليم بصور ودرس فيها عشر سنوات ثم انتقل إلى دمشق يدرس ويفتى ويحدّث. وكان قد نزل بصوامع بيت المقدس ودمشق الإمام الغزالى منذ سنة 488 وله ثلاثة كتب فى الفقه الشافعى: البسيط والوسيط والوجيز، وشغف بها الشافعية منذ زمنه فى الشام وغير الشام.
ويدخل مذهب الشافعى فى مرحلة كبرى جديدة ينتشر فيها بالشام أوسع انتشار، ونقصد مرحلة تأسيس مدارس الشافعية منذ تأسيس المدرسة الأمينية فى سنة 514 ويعدّ ابن شداد فى