أبى أصيبعة، وكان طبيبا حاذقا، واشتهر له كتابان: جامع الغرض فى حفظ الصحة ودفع المرض، والعمدة فى صناعة الجراحة. وكان يعاصره ابن (?) السويدى إبراهيم بن طرخان شيخ الأطباء والصيادلة بدمشق المتوفى سنة 690 وهو تلميذ الدخوار، أخذ الطب عنه وله فى الطب «التذكرة الهادية» وفى الصيدلة «الباهر فى الجواهر» ذكر فيه كثيرين من العلماء الموثوق بهم فى هذا الموضوع كالبيرونى والرازى وأبى حنيفة الدينورى. ولا بد أن نلاحظ أن كل هؤلاء الأطباء الذين ذكرناهم كان وراءهم عشرات فى بلدان الشام المختلفة، ويفيض ابن أبى أصيبعة فى الحديث عنهم، وأيضا لا بد أن نلاحظ أن كل هؤلاء الأطباء كانوا دارسين للفلسفة اليونانية وفروع العلم المختلفة من رياضيات وفلك وتنجيم، يصور ذلك أوضح تصوير ما يذكره لهم ابن أبى أصيبعة من مؤلفات تتناول علوم الكيمياء والفيزيقا والرياضة والهيئة أو الفلك. وقد مضت الأجيال فى زمن المماليك تنهل من موارد هذه العلوم واضعة نصب عيونها ممارسة الطب فى البيمارستانات المنتشرة فى بلدان الشام.

وممن نبغوا فى الهندسة وعلم الفلك والرياضيات علاء الدين (?) بن الشاطر الموقّت فى الجامع الأموى بدمشق وله كتاب فى الزيج توفى سنة 777 ومثله ابن (?) الهائم الفرضى شهاب الدين المدرس بالقدس فى المدرسة الصلاحية، وله كتب مختلفة فى الحساب والجبر، توفى سنة 815.

وعنى كثيرون بالتأليف فى علم المنطق. وألفت كتب كثيرة فى ميادين الحرب والحركات العسكرية نكتفى بأن نذكر منها كتاب بغية القاصدين فى العمل بالميادين لمحمد بن لاجين الطرابلسى الرماح المتوفى سنة 780 ألفه لصاحب حلب.

ومع ما أصاب الحركة العلمية فى الشام من تدهور فى أيام العثمانيين ظل دائما بصيص من نورها يتراءى من حين إلى حين فى الاهتمام بعلوم الأوائل وخاصة بالطب بلسم المرضى الشافى وأيضا بالفلك وفروعه، واشتهرت حينئذ تذكرة (?) داود الأنطاكى المتوفى سنة 1008 للهجرة، وهى مهمة فى وصف الأدوية والعقاقير والأمراض مع أن مؤلفها كان ضريرا، وله كتاب يسمى الكامل فى الطب طبع مرارا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015