(قواها). . الطوفان بالنار والماء، والموتان العارض من عموم الأوباء، وتسلط المخالفين فى المذاهب والآراء. . وليس عندى الخطب فى جميع ذلك يقارب ما يولّده تسلط ملك جاهل تطول مدته، وتتسع قدرته. وبحسب عظم المحنة بمن هذه صفته، والبلوى بمن هذه صورته، تعظم النعمة فى تملك سلطان عالم عادل كالأمير الجليل الذى أحلّه الله من الفضائل بملتقى طرقها، ومجتمع فرقها، وهى نور (?) نوافر ممن لاقت حتى تصير إليه، وشرّد نوازع حيث حلّت حتى تقع عليه، تتلفّت إليه تلفّت الوامق، وتتشوّف نحوه تشوّف الصبّ العاشق».
والفصل طريف فى دلالته على عناية عضد الدولة بالعلم وأهله، وكان دائما يعقد لهم المناظرات بين يديه. والفصل صورة أخرى لعناية ابن العميد بالسجع وتقصيره، وإحداث الموازنات بين السجعات حين تطول، وفى أثناء كل ما قدمنا له تتضح عنايته بمحسنات البديع وسلاسة اللفظ وجمال السبك ووضوح المعنى. وهى كلها جوانب أساسية فى بلاغته وبيانه.
هو كافى الكفاة إسماعيل بن عباد، من أهل الطّالقان: ولاية بين قزوين وأبهر، ولد عام 326 لأبيه عباد بن العباس الطالقانى، وكان يعمل مع ابن العميد فى ديوان ركن الدولة بالرى، وعنى به، فوصله منذ نعومة أظفاره بأحمد بن فارس اللغوى، حتى إذا اتضحت فيه مخايل الأدب ألحقه بابن العميد، فكان يصحبه دائما، مما جعل الناس يطلقون عليه لقب صاحب ابن العميد، وظل هذا اللقب علما عليه، وقيل بل صحب مؤيد الدولة بن ركن الدولة منذ الصبا وسماه الصاحب، فاستمر عليه اللقب واشتهر به.