سنة 406 وكان شديد الرد على الكرامية وله كتب كثيرة فى الحديث والفقه الحنفى، منها بيان مشكل الحديث، ورد على الملحدة والمعطلة والمبتدعة من الجهمية والمعتزلة، وكتب مصنفات أخرى فى نفس الموضوع ردا على المشبهة والمجسّمة. ومن كبار المحدثين التالين أبو إسحق الإسفراينى المتوفى سنة 418 وأبو نعيم الأصفهانى المتوفى سنة 430 ويشتهر بكتابة «حلى الأولياء» والبيهقى (?) أبوبكر احمد بن الحسين المتوفى سنة 458 نيسابور، وبها كان يملى كتبه وتصانيفه ومن أهمها كتاب السنن الكبير، وكتاب معرفة الآثار. وازذهرت دراسات الحديث فى عصر السلاجقة ازدهارا عظيما، كان من ثمارها ظهور الفرّاء البغوى (?) المار ذكره بين المفسرين وله مصنفات كثيرة فى الحديث والفقه الشافعى وتفسير القرآن الكريم، وأهمها كتابه المصابيح جمعه من كتب الصحاح الستة وبوّبه وقسم الأحاديث فى كل باب إلى صحيحة وتشمل كل ما أخذه من صحيحى البخارى ومسلم وإلى حسنة، وما رأى فيها من ضعف أشار إليه. وجاء بعده فى القرن الثامن الهجرى محمد بن عبد الله الخطيب التبريزى فرتبه ترتيبا جديدا وأتمه سنة 737 وسماه مشكاة المصابيح، وألف بجانب المشكاة كتابا فى رجالها سماه أسماء المشكاة، وهو تراجم للرواة المذكورين فى المشكاة أتمه سنة 740. وظلت دراسات الحديث وروايته ناشطة بإيران فى القرون التالية.
ولم يكن النشاط فى علم الفقه أقل منه فى علم الحديث، بل ربما كان أوسع وأعظم، وقد استقرت منذ أوائل العصر المذاهب الفقهية الكبرى: مذهب أبى حنيفة ومذهب مالك ومذهب الشافعى ومذهب ابن حنبل، ولم يكن المذهب الحنبلى شائعا فى إيران ولا فى أى إقليم من أقاليمها، ومع ذلك لا نعدم أن نجد فيها بعض الحنابلة فى هراة وهمذان (?) من مثل أبى إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصارى صاحب كتاب ذم (علم) الكلام، وكان محدثا يتظاهر بالتجسيم والتشبيه، وينال من الأشاعرة (?) وربما كان المذهب المالكى أقل أتباعا حتى ليروى أن أحمد بن فارس اللغوى الذى ذكرناه فى غير هذا الموضع وكان شافعيا كان ينزل الرّىّ، فصار مالكيا، كما يقول ياقوت فى ترجمته بمعجم الأدباء، فسئل فى