العيونيين-كما مرّ بنا-بنو عصفور وبنو جير العقيليون، وتظل النهضة الشعرية مستمرة ويستولى البرتغاليون بأخرة على البلاد فى سنة 927 ويخرجهم منها العثمانيون فى سنة 943 ويلقانا للبحرين غير شاعر فى كتب التراجم الأدبية التى ذكرناها فى حديثنا عن شعراء الحجاز، وخاصة فى «سلافة العصر» و «نفحة الريحانة». ويسترجع بنو خالد البحرين من العثمانيين سنة 1081 ويظلون يحكمون الأحساء حتى يستولى عليها السعوديون فى أوائل القرن الرابع عشر الهجرى، ومن الكتب التى تصور نشاط الشعر بعد خروج العثمانيين من البحرين كتاب شعراء هجر من القرن الثانى عشر إلى القرن الرابع عشر لعبد الفتاح الحلو، وقد أنشد شعرا كثيرا من منظومات لهم نحوية وفقهية. ومن الشعراء فى أواخر العصر على نقى الأحسائى وهو شيعى إمامى وله ديوان مطبوع ومؤلفات مختلفة فى العقيدة الإمامية.
يكثر شعراء المديح كثرة مفرطة فى جميع أقاليم الجزيرة، وقد عرض الباخرزى فى دمية القصر طائفة من مدائح شعراء نجد فى الوزير نظام الملك السلجوقى، وكثرتهم إنما رحلوا إلى العراق وإيران طلبا للنوال، وخاصة من هذا الوزير الذى غمر الشعراء بجوائزه وعطاياه، ولهذّاب بن دهثم الشيبانى من قصيدة فى مديحه (?):
ما خلق الله تعالى وجلّ … مثل وزير الوزراء الأجلّ
أروع كالنّصل ولكنّه … أمضى من النّصل إذا ما يسلّ
وقد بعث بنو عقيل فى الموصل وبواديها حركة أدبية ظلت مزدهرة طوال حكمهم، مما جعل شعراء إقليمهم يدبجون القصائد فى مديحهم، وقصدهم الشعراء من العراق والشام، وفى مقدمتهم أبو على بن الشّبل البغدادى مادح قرواش والمشيد بنصره على الغزّ بمثل قوله (?):
نزّهت أرضك عن قبور جسومهم … فغدت قبورهم بطون الأنسر
ومن شعراء قرواش الطاهر (?) الجزرى. وكان مسلم بن قريش-ابن أخيه-ينثر الأموال نثرا على الشعراء فجاءوه من كل فجّ وفى مقدمتهم ابن حيّوس شاعر الشام، وبلغ من إعجابه بمدائحه فيه أن أقطعه-فيما قيل-الموصل على نحو ما مر بنا فى غير هذا الموضع، وله يقول من قصيدة طويلة (?):