وهو بذلك تاريخ كامل لمكة: سياسى وثقافى وأدبى وحضارى. وللديار (?) بكرى المكى المتوفى سنة 990 سيرة نبوية بعنوان «الخميس فى أحوال أنفس نفيس» فى مجلدين كبيرين، طبعت مرارا، وفيها تفصيل طويل عن تاريخ الكعبة. وكان يعاصره قطب الدين (?) النهروالى المكى، وكان مفتيا ومدرسا، إلى أن توفى سنة 990 وله «الإعلام بأعلام بلد الله الحرام» تحدث فيه عن تاريخ مكة وحكامها إلى زمنه فى عهد العثمانيين، طبع مرارا. ولمكة مؤرخ عام هو عبد الحى (?) بن العماد الحنبلى المتوفى بمكة سنة 1089 وله «شذرات الذهب فى أخبار من ذهب» وهو كتاب تراجم مرتب على السنوات حتى سنة ألف للهجرة. ومن مؤرخى مكة المتأخرين أحمد زينى دحلان المتوفى سنة 1304 هـ/1886 م وله: «خلاصة الكلام فى أمراء البلد الحرام».
وللمدينة بدورها مؤرخوها وفى مقدمتهم محمد بن الحسين بن زبالة الذى ألف كتابا فى تاريخ المدينة سنة 199 للهجرة ومن مؤرخى العصر الذى نحن بصدده، بل قل من أشهرهم نور الدين السمهودى (?) المصرى المجاور بالمدينة حتى وفاته سنة 911 وهو صاحب كتاب وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، والكتاب دائرة معارف كبيرة فى جغرافية المدينة وتاريخها وأخبارها طبع بمصر فى مجلدين وطبع مختصر له باسم «خلاصة الوفا». ومن مؤرخى المدينة ابن خضر المدنى المتوفى فى أوائل القرن الثانى عشر، وله مخطوطة فى طبقات الحنفية بدار الكتب المصرية. وجاء بعده جعفر البرزنجى (?) المتوفى سنة 1179 وله قصة المولد النبوى، طبعت بمصر مرارا منفردة ومع شرح لحفيده جعفر بن إسماعيل.
وتكتظ اليمن بالمؤرخين ومصنفاتهم التاريخية ومن أقدمهم على بن محمد بن عبيد الله العلوى الذى صنف كتابا فى سيرة الإمام الهادى إلى الحق يحيى بن الحسين مؤسس المذهب الزيدى باليمن عقب مبايعته بالإمامة سنة 283 وصنف بعده بقرن الحسن بن أحمد بن يعقوب كتابا فى أخبار المنصور بالله القاسم الرسىّ المتوفى سنة 393 للهجرة. وتنشط الكتابة التاريخية باليمن، ويلقانا من مؤرخيها جياش بن نجاح أمير زبيد المتوفى سنة 498 وله كتاب «المفيد فى أخبار زبيد» فقد ولم يصل إلينا، غير أن عمارة اليمنى المتوفى سنة 569 اختصره فى