ابن حميد وغيره من كتّاب عصره وشعرائه، ولابن الرومى فيه مدائح مختلفة، وكذلك للبحترى ويروى له توقيع وقّع به فى قصيدة له، استمنحه فيها قضاء حاجة على هذا النحو: «مقضيّة ولو أتلفت المال، وأذهبت الحال، فقل-رعاك الله- ما شئت منبسطا، وثق بما أنا عليه لك مغتبطا، إن شاء الله تعالى». ويبدو أنه ظلّ على ديوان الرسائل حتى تولى إسماعيل بن بلبل الوزارة للمعتمد سنة 265، وكانت بينهما وحشة شديدة. ودخل عليه أبو العباس ووقف بين يديه، ثم قال أيها الوزير: {(لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنّا لَخاطِئِينَ)}، فقال له ابن بلبل:
{(لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ)} يا أبا العباس، ورفع مجلسه، غير أنه صرفه عن الديوان وولاه نواحى بابل وسواد بغداد الغربى، فضاعف-وزاد-فى الدعاء له، ويقال إنه ظل على تلك النواحى حتى وفاته.
وأبو العباس أحد كتاب العصر وبلغائه، وفى أخباره أنه كان شديد العناية بأناقته وبكل ما يتصل بحياته شديد التكلف، ويضرب الرواة لذلك مثلا بعبارات له شديدة الغرابة، وأنه قال يوما وقد استمع إلى حاجم: علىّ بماء الورد أغسل فى من كلام الحاجم. وأثر له عهد طويل إلى أحد الولاة من الموفق ولى عهد المعتمد، ومرّ بنا أنه كان الخليفة الحقيقى طوال عصر أخيه، ولذلك كانت العهود إلى الولاة تصدر عنه، والعهد يبتدئ على هذا النمط (?):
«هذا ما عهد به أبو أحمد الموفّق بالله ولىّ عهد المسلمين إلى فلان حين ولاّه الصلاة بأهل كورة الرّىّ ودنباوند ونواحيها، والحرب والأحداث فيهما.
أمره بتقوى الله وطاعته، وخشيته ومراقبته، فى سرّه وعلانيته، وظاهر أمره وباطنه والعمل بما أمر الله به، والانتهاء عما نهى عنه فيما وافقه وخالفه، وأرضاه وأسخطه فإنه من يتّق الله يقه، ومن يعتصم به يهده، ومن يطعه يتولّه ويكفه {(إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)}. وأمره أن يملأ قلبه خيفة الله وهيبته والتفويض إليه، والاعتماد عليه، وأن يجعل كتاب الله عزّ وجلّ له إماما، وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم متالا، فإن فيهما دلالة وتبيانا، وضياء ونورا وشفاء لما فى الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين. وأمره أن يكون أول