حتى تنهكهم حروبهم، ويهجم عليهم الميديون من هضبة إيران، ويستولوا على حاضرتهم نينوى. فتستقل عنهم بابل وتقوم بها الدولة البابلية الحديثة أو دولة الكلدانيين (626 - 538 ق. م) الذين اشتهروا بإتقانهم لعلم الفلك كما اشتهر ملكهم بختنصر بتخريبه لبيت المقدس. وسرعان ما يقضى عليهم الفرس بقيادة كورش سنة 538 ق. م ويخضعون لدولتهم المعروفة بالكيانية. ويدور الزمن دورة وإذا الإسكندر المقدونى فى القرن الرابع ق. م يستولى على الشرق الأوسط، وبذلك ينتهى تاريخ هذه الموجة السامية القديمة موجة الأكديين من بابليين وأشوريين.
والموجة السامية الثانية التى خرجت من الجزيرة العربية هى موجة الكنعانيين، وقد بدأت فى خروجها منذ أوائل الألف الثانى ق. م ويممت الشام وسواحل البحر الأبيض الشرقية، وأسست هناك مدنا تجارية مثل صيدا وصور وجبيل وبيروت. وكان اليونان يسمون أهل السواحل من هذه الموجة باسم الفينيقيين، وقد أسسوا لهم مستعمرات فى إفريقية وآسيا الصغرى والأندلس وهم الذين اخترعوا الخط الأبجدى وعنهم انتشر فى العالم. ومن هذه الموجة الأوجريتيون الذين تغلغلوا فى شمالى سوريا وقد وصلتنا عنهم نقوش رأس شمرا فى شمالى اللاذقية وفيها شعر وحكم ومن هذه الموجة أيضا المؤابيون الذين استقروا فى شرقى الأردن وأسسوا به مملكة فى القرن العاشر ق. م، وكذلك منها العبريون الذين استقروا فى فلسطين منذ القرن الثالث عشر ق. م وقد استولى الأشوريون على مملكتهم الشمالية فى القرن السابع ق. م.
وهدم بختنصر ملك بابل حاضرتهم أورشليم فى القرن السادس ق. م وأجلى سكانها إلى بابل. ولا تلبث الآرامية أن تغلب على لغتهم، إلا أنهم ظلوا يحافظون عليها فى تعاليمهم الدينية وفى بعض كتاباتهم.
والآراميون هم ثالث الموجات السامية الكبيرة التى خرجت من الجزيرة العربية قبل الميلاد، وقد بدأ خروجهم منذ منتصف الألف الثانى ق. م. والمظنون أنهم كانوا بدوا رحّلا يتنقلون شمالى صحراء النفود فى باديتى الشام والعراق ويتغلغلون إلى خليج العقبة غربا وجنوبى الفرات شرقا. وقد استطاعوا أن يكوّنوا لهم إمارة بين بابل والخليج العربى، عرفت باسم كلد ومنها أخذ اسم الكلدانيين. ونراهم فى القرن الثالث عشر ق. م ينزحون إلى أراضى الرافدين دجلة والفرات فى الشمال، ويعرف