ومن كبار الأطباء فى العصر سنان (?) بن ثابت بن قرة الذى أسلم على يد الخليفة القاهر بالله، وقد عاش حتى سنة 331 وتقلد مارستانات بغداد الخمسة سنة 304 وبنى فى سنة 306 مارستانين كبيرين، أحدهما للخليفة المقتدر وكانت نفقته مائتى دينار فى كل شهر والثانى لأمه وكانت النفقة عليه شهريّا ستمائة دينار وأقام للوزير ابن الفرات مارستانا ثالثا ببغداد سنة 311 كانت النفقة عليه شهريّا.
مائتى دينار، وبنى لبجكم حاكم بغداد سنة 329 مارستانا رابعا ببغداد على الشاطئ الغربى لدجلة وزوّده بالأطباء والأدوات المختلفة. ومن طريف ما يروى أن نجد حامد بن العباس أحد وزراء الخليفة المقتدر يأمره أن يفرد أطباء للمسجونين يزورونهم يوميّا ومعهم الأدوية والأشربة، وظل ذلك تقليدا مرعيا حتى نهاية العصر، ونراه يأمره أيضا بإرسال متطببين إلى الفلاحين فى سواد العراق بحوض دجلة والفرات يطوفون به ويقيمون فى كل جانب منه المدة التى تدعو إليها الحاجة، ومعهم خزانة الأدوية والأشربة. ويبدو أن المتطببين كثروا فى العصر، حتى ليذكر ابن أبى أصيبعة أن عددهم فى جانبى بغداد وحدها بلغ فى سنة 319 ثمانمائة رجل ونيفا وستين سوى من كان فى خدمة السلطان.
وطبيب المسلمين غير مدافع فى العصر، كما يقول القفطى، هو أبو بكر محمد (?) بن زكريا الرازى المتوفى حوالى سنة 320 ولد كما يتبين من اسمه بالرى، وسبق أن عرضنا له فى حديثنا عن الزندقة وألممنا بكتابه «مخاريق الأنبياء» وقد بدأ حياته بدراسة العلوم الرياضية، ثم اشتغل بالكيمياء والطب، وعمل فى بيمارستان موطنه وبيمارستانات بغداد وتنقل فى مدن إيران وخراسان، وألف باسم كثيرين من الأمراء وذوى الجاه طائفة من كتبه المهمة، وترجم إلى اللاتينية كثير من كتبه الطبية وظل حجة الطب غير مدافع حتى القرن السابع عشر، وما زال المستشرقون يعنون به وبآثاره حتى اليوم وقد نشر فى باريس سنة 1933