الموفق فى هذه الأثناء بجيش له فى غربى نهر أبى الخصيب فمزّقه شر ممزق، وطلب الأمان كثيرون من الزنج وقوادهم وفى مقدمتهم الشعرانى وشبل (?) بن سالم.
وجمع الموفق المستأمنة من الزنوج العارفين بمسالك المدينة المختارة ومضايق طرقها وحصونها كى يمحضوه النصيحة فى الوصول إلى صاحبها، ودلّوه راضين، فاستولى على قصره فى صفر لسنة 270 بعد موقعة عظيمة، ووافاه البشير بقتله، فخرّ لله ساجدا على ما أولاه، وأمر بصلب قائديه سليمان بن جامع وعلى (?) بن أبان المهلبى.
وكان الموفق قد جرح جرحا بليغا فى صدره فى أثناء المعارك الأخيرة، ولم يثنه ذلك عن الحرب حتى كتب له فيها النصر المبين، ولذلك يقول ابن المعتز فى تهنئته بهذا النصر من قصيدة صوّر فيها بطولته: (?).
شقّ الصفوف بسيفه … وشفى حزازات الإحن
دامى الجراح كأنها … ورد تفتّح فى غصن
وبذلك انتهت ثورة الزنج، ويقال إنه ذهب ضحيتها نحو مليون ونصف، وأمر الموفق بالنداء فى أهل البصرة والأبلّة وكور دجلة والأهواز وواسط بقتل صاحب الزنج ورجوع كل مواطن إلى داره وبلده آمنا على نفسه وماله وأهله (?).
مرّ بنا فى كتاب العصر العباسى الأول أن الشيعة كانوا فرقا، وظلت هذه الفرق نشطة فى العصر العباسى الثانى، وأهمها فرقة الزيدية التى حملت السلاح دائما فى وجوه العباسيين، ثم فرقة الإمامية التى كانت تعيش على التقية وتعمل سرّا ضد العباسيين، وقد انقسمت مبكرة إلى اثنى عشرية آمنت بأن الإمامة توالت فى اثنى عشر إماما، آخرهم محمد المهدى المنتظر المتوفى سنة 260 للهجرة، وإلى إسماعيلية نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق، وكان قد توفى قبل أبيه، فقالوا إن