قواد الترك طلبوا من ابنها قبل قتله خمسين ألف دينار، فلم يجدها فى خزائن الدولة، ففزع إليها يطلب منها أن تقرضه هذا المبلغ، حتى يفدى نفسه به من القتل، فأنكرت أن يكون عندها مال، وخلع ابنها وقتل بعد أيام، وصادر أموالها حاجبه صالح بن وصيف، وملأه العجب حين وجد فى خزانة لها مليونا من الدنانير، غير جواهر قدّرت قيمتها بمليونى دينار. ولما رأى وصيف ذلك قال: قبّحها الله، عرّضت ابنها للقتل فى خمسين ألف دينار يدفعها رواتب للجيش، وعندها هذا كله فى خزانة واحدة من خزائنها (?). وثالثة الدواهى الطامة شغب أم المقتدر، وهى أم ولد رومية، كانت تمسك بيديها زمام الأمر والنهى فى الدولة، وكانت تستعين بقهرمانتها ثمل، وأقعدتها فى الرّصافة كل يوم جمعة للنظر فى المظالم، فكانت تكتب بأحكامها على رقاع الناس بحضرة الفقهاء والقضاة (?). وأثرت شغب حتى كان دخلها فى العام من غلات ضياعها مليون دينار (?)، ويقال إنها غضبت على إحدى وصيفاتها، فاستخلصت ثمل منها مليونا من الدنانير (?)، كأن مليون دينار فى أيدى نساء القصر وجواريه شئ عادى تتملكه أى وصيفة، وكان المقتدر متلافا فأنفق أموال الدولة على النساء وأهداهن جواهرها وتحفها النفيسة، من ذلك إهداؤه الدرة اليتيمة-التى ظل آباؤه يحتفظون بها حقبا طوالا-لبعض حظاياه، وكانت زنتها ثلاثة مثاقيل. وأهدى حظية ثانية سبحة جوهر لم ير مثلها، قيمتها ثلثمائة ألف دينار، وأهدى حظية ثالثة فصّ ياقوت اشتراه الرشيد بثلثمائة ألف دينار، ويقال إنه أنفق على ختان أبنائه ستمائة ألف دينار (?) وكأن كل ذلك وقع فى يد معتوه، فهو ينثره يمينا وشمالا. واستولى قواد الترك لعهده على كثير من الإقطاعات والضياع، ويقال إن إقطاعات يانس الموفقى المتوفى سنة 311 كانت تغلّ له سنويّا ثلاثين ألف دينار (?). وكانت قهرمانة شريرة هى علم الشيرازية تستولى على كل أمور الدولة لعهد المستكفى (?).
وعلى هذا النحو لم يعد الخلفاء يحكمون منذ عهد المقتدر المشئوم، فقد أصبح