فى ولاء آل الأهتم، وهم بيت فصاحة وخطابة، فحذق العربية، وعمل فى دواوين العراق آخر زمن بنى أمية، ثم فى دواوين سليمان بن على وعيسى بن على عمى المنصور، وكان لا يزال مجوسيّا فأسلم على يد الأخير. وأغرى به المنصور سفيان بن معاوية والى البصرة، فقتله. وقد اشتهر بترجمته عن لغته بعض كتب الأدب الفارسى وكتاب كليلة ودمنة الهندى الأصل وبعض منطق أرسططاليس. وكان آية فى البلاغة وحسن الأداء وفصاحته. على نحو ما يتضح فى الأدب الصغير والأدب الكبير وكتاب اليتيمة ورسالة الصحابة، وهى جميعا تفيض بالوصايا السياسية والاجتماعية والخلفية. وتعدّ ترجمته لكليلة ودمنة من روائعه الفذة. وله رسائل إخوانية وأدبية بديعة. وكان سهل بن هرون مثله فارسى الأصل، وعكف على الآداب الأجنبية، وشارك فى الترجمة عن لغته الأصلية، ويقال إنه كانت فيه نزعة شعوبية، وكان فيه ميل إلى التندر، وظّفه الرشيد بخزانة الحكمة التى أنشأها، وقرّبه المأمون وجعله خازنا لبعض أقسامها. وكان من أفراد عصره فى البلاغة والبيان وصحة المنطق، وعنى بتأليف قصص حيوانى على شاكلة كليلة ودمنة، وهو يملؤه بالتربية السياسية والاجتماعية والحكم والأمثال على شاكلة كتابه «النمر والثعلب». ومن رسائله الأدبية الطريفة رسالته فى الاحتجاج للبخل. ورسالته الأخرى فى نصرة الزجاج على الذهب. وله رسائل شخصية بديعة. ومن أهم ما يميزه عنايته بدقة معانيه وتوفير الازدواج والجمال الصوتى لألفاظه وأساليبه. أما أحمد بن يوسف فكان من بيت كتابة، إذ كان أبوه يوسف بن صبيح ممن ذاع صيتهم فى دواوين القرن الثانى، وقد عنى بتأديب ابنه وإعداده للعمل فى الدواوين. وسرعان ما استخلصه الفضل بن سهل للمأمون، فجعله على ديوان الرسائل، ثم اختاره وزيرا له، وظل على وزارته حتى توفى. وكان واحد زمانه فى الكتابة الديوانية، ومن أروع رسائله السياسية رسالة الخميس التى كتبها فى تأييد الدعوة العباسية، وثقافته الكلامية واضحة فى تحميدها إذ تحول به إلى ما يشبه مبحثا كلاميّا فى الدلالة على وجود الله ووحدانيته وحدوث الخلق وفناء العالم. وله رسائل شخصية يتضح فيها ما يتضح فى رسائله الديوانية من تأنق التعبير. حتى ليمكن أن يقال إنه هو الذى أعدّ فى قوة لأن يشيع فى النثر الديوانى الرسمى أسلوب الازدواج والترادف الصوتى وما يجرى فيه أحيانا من السجع. وكان عمرو بن مسعدة مثله من بيت كتابة،