«لولا أن الله عزّ وجلّ ختم نبوته بمحمد صلى الله عليه وسلم وكتبه بالقرآن لبعث لكم نبىّ نقمة، وأنزل فيكم قرآن غدر، وما عسيت أن أقول فى قوم: محاسنهم مساوى السّفلة، ومساويهم فضائح الأمم، وألسنتهم معقولة بالعىّ، وأيديهم معقودة بالبخل، وأعراضهم أغراض للذم، وهم كما قال الشاعر:
لا يكثرون وإن طالت حياتهم … ولا تبيد مخازيهم وإن بادوا»
وله معاتبات واعتذارات كثيرة، وكان يعرف فى الأولى كيف يتحدث عن رعاية حق الصديق، كما كان يعرف فى الثانية كيف يتسع بالحجة والفكرة اللبقة، حتى يستلّ من صاحبه عفوه ورضاه، من ذلك ما كتب به إلى أحد أصدقائه (?):
«أتيتك وافدا بذنوبى على عفوك، واثقا لعقوقى ببرّك، لا مستظهرا عليك بشفيع قدّمته، خلا تطوّلك (?) بالعفو عن الإخوان، وتفضلك عليهم بالإحسان، فإن تعاقب فقد حكمت بالمعدلة (?) بعقوبتك على نفسى، وإن تجاف عن ذلك فإن الله يعلم أن قلبى لم يصرّ لك على قطيعة، وكلّ ذنب كان أصله الاستبطاء لدالّة الحرمة، والاستعطاف بماتّة (?) الخدمة، فهو مما يعدّ فى الحسنات، لا السيئات».
وتدور فى كتب الأدب له توقيعات طريفة كان يوقّع بها على رقاع الشكوى.
وكتب بعض العمال ورسائل الاستماحة وبذل المعروف، فمن ذلك ما حكى الرواة من أن رجلا غصب آخر ضيعة فى أثناء غيابه واستغلّها سنوات معدودة، فلما قدم طالبه بضيعته، فاشتكاه قائلا: الضيعة لى وفى يدى، واطّلع ابن يوسف على الشكوى، فوقّع عليها بقوله (?):
«الحق لا تخلق جدّته، وإن تطاولت بالباطل مدّته، فإن أنطقت حجّتك بإفصاح، وأزلت مشكلها بإيضاح-غير. «لى وفى يدى» فكثيرا ما أراها ذريعة الغاصب، وحجّة المغالب-وفّر حقك عليك، وسيق بلا كدّ إليك، وإن ركنت من البيان إليها، ووقفت عن الاحتجاج عليها كانت حجته بالبيّنة