دفع المأمون فى سنة 201 إلى البيعة بولاية العهد من بعده لعلوى كان يعظمه المأمون ويبجله ويتخذه رفيقا، هو على الرضا، وكتب بذلك إلى الآفاق.
فغضب آله العباسيون ببغداد، وبايعوا إبراهيم بن المهدى بالخلافة، فعزم المأمون على المبادرة إلى بغداد، وفى طريقه إليها قتل الفضل بسرخس، وفتك المأمون بقتله، ولم يلبث على الرضا أن توفّى بطوس، وعادت ولاية العهد إلى العباسيين. وتروى للفضل كلمات كثيرة مأثورة، ومما روى له من رسائله الرسالة التالية وقد وجّه بها مع جائزة منحها لبعض خاصّته، وفيها يقول (?):
«قد وجهت إليك بجائزة لا أعظمها تكثرا، ولا أقلّلها تجبرا، ولا أقطع لك بعدها رجاء، ولا أستثيبك عليها ثناء».
أما الحسن (?) أخوه فقد ولاه المأمون دواوين الخراج فى سنة 196 للهجرة، وفى سنة 199 جعله نائبه فى بغداد، فقدم إليها وفرق عمّاله على البلاد، ولما مات أخوه الفضل اتخذه وزيرا له بعده، حتى إذا تزوج ابنته بوران سنة 207 طلب منه أن يعتزل الوزارة، فأعفاه. وظل وافر الحرمة حتى توفى بسرخس سنة 236 للهجرة. وكان لا يقلّ عن أخيه لسنا وبلاغة، وله رسالة بديعة كتب بها إلى محمد بن سماعة قاضى بغداد فى اختيار شخص يتولّى بعض أموره وقد وصف له فيها الخصال التى ينبغى أن يشتمل عليها، وهى تجرى فى هذه الصورة (?):
«أما بعد فإنى احتجت لبعض أمورى إلى رجل جامع لخصال الخير ذى عفّة ونزاهة طعمة (?)، قد هذبته الآداب وأحكمته التجارب، ليس بظنين فى رأيه، ولا بمطعون فى حسبه، إن اؤتمن على الأسرار قام بها، وإن قلّد مهمّا من الأمور أجزأ (?) فيه، له سنّ مع أدب ولسان، تقعده الرزانة، ويسكّنه الحلم، قد فرّ (?) عن ذكاء وفطنة، وعضّ على قارحة (?) من الكمال، تكفيه