أن يصيب أساليبه ضعف أو وهن، إذ كان يفقه أسرار اللغة فقها دقيقا وكل ما يتصل بلك الأسرار من رونق وبهاء وجمال.
إذا مضينا بعد بشار إلى الجيل الذى خلفه رأينا تأثره بالحضارة الفارسية المادية يزداد اتساعا كما تزداد ثورته على العرف والخلق والدين الحنيف، حتى لتتحول فى بعض جوانبها إلى صياح وعجيج وضجيج، وطبيعى أن ذلك لم يكن عامّا بحيث يشمل الجيل كله، فقد كان هناك الفقهاء والوعاظ وأهل الصلاح، إنما كان ذلك يسرى بين نفر من الشعراء الذين كانوا يختلفون إلى دور النخاسة وحانات المجون وبيوت اللهو والعبث، فإن تركوها فإلى دورهم التى حوّلوها إلى مقاصف للخمر والغناء يتطارحون فيها أشعارهم المعبرة عن غرائزهم وكل ما اقترن بها من شذوذ الغزل بالغلمان.
وأبو نواس الحسن بن هانئ هو أهم شاعر يصور هذا الفساد الخلقى من جميع نواحيه، وهو فارسى الأم والأب أيضا، وقد انبهم أمر أبيه وجنسه على بعض الرواة حين رأوه ينتسب لآل الحكم بن الجراح من بنى سعد العشيرة اليمنيين ويتكنى بكنية يمنية هى أبو نواس، وكذلك حين رأوا فى أخبار هذا الأب أنه كان من جند مروان ابن محمد آخر الخلفاء الأمويين، مما جعل بعض المعاصرين يظن أن أباه من أهل الشام بينما ذهب بعض الأقدمين إلى أنه عربى، وتمادوا فصنعوا له نسبا فى بنى سعد