الحالة الثقافية والأدبية أيام المنصور وابنه
واستمر الجانب الأدبي من هذه النهضة التي انتعشت في عهد الحكم فظل على انتعاشه أيام المنصور بن أبي عامر؛ أما جانبها العلمي فقد أصابه شيء من ركود، وذلك ان المنصور أول توليه أمر الحجابة عمد إلى خزائن الحكم فاستخرج جملة ما فيها من كتب بمحضر خواص من أهل الفقه، ثم ميز من بينها الكتب التي تتعلق بعلوم الأوائل مستثنيا ما كان منها في الطب والحساب، وأمر بإحراقها وإفسادها فأحرق بعضها وطرح بعضها في آبار القصر وهيل عليها التراب والحجارة ولم ينج منها إلا القليل، فعل ذلك تحببا إلى العامة واستئلافا لقلوبهم (?) ، ومحاولة للغض من شهرة الحكم في نفوسهم، وقيل ان ذلك لم يكن الا على أعين الناس، أما في حقيقة الأمر فقد ظل المنصور يشجع التوفر على هذه العلوم 2، وفيما عدا هذه الحادثة استمر تشجيع المنصور للدراسة والتأليف، في العلوم الدينية واللغوية والادبية، وكان يقرب العلماء والأدباء ويفرط في تكريمهم، وكان له مجلس معروف في الأسبوع يجتمع فيه أهل العلوم، كلما كان مقيما بقرطبة، لأن غزواته كانت تبعده عن قرطبة كثيرا (?) ، وله كتب زيادة الله ابن علي كتاب " الحمام " (?) ، وضمنت دولته عددا كبيرا من الفقهاء والعلماء والشعراء والأطباء والمنجمين فلم يكونوا أوفر عددا ولا أسنى أرزاقا منهم في أيامه (?) وربما كانوا اكثر حرية في تصرفهم منهم في عهد الحكم المستنصر لأن المنصور انصرف كثيرا إلى التجنيد والعمل بالسلاح حفظا للرسوم والتماسا لجميل الذكر (?) .