وهذه مقامة في مضمونها وطبيعتها، ولا تشذ عن المقامة النموذجية إلا في ان صاحبها لم يتستر وراء اسم شخصية متخيلة، وحدد تاريخ اللقاء ليربط الحادثة ربطا بالواقع من حيث الزمان والمكان.

4 - مقامة ابن المعلم:

اختار منها ابن بسام فصولا. وصاحبها ابن المعلم، كان أحد وزراء المعتضد، ويفتتحها صاحبها بالحنين إلى الماضي: " سقى عهدك أيتها الدمنة الزهراء كل عهد، وجاد قطرك أيها الروضة الغناء كل قطر، وسال عليك من ادمعي كل ملث هطال، وتناحت عليك من أضلعي كل جنوب وشمال " لأنه قضى هنالك عيشا رقيقا حرمه بعد ان استيقظ الدهر من هجمته وهب من غطيط رقدته وسكرته واسترد ما هب.

واستشار له صاحبا من صرحاء إخوانه فأشار عليه ألا يترك داره ولا يهجر موطنه، وقال فيما قاله: " وأعيذك من ترهات لعل وعسى، فتحسب كل بيضاء شحمة وتظن كل سوداء ثمرة، وربما سقط العشاء بك على سرحان، وكل الناس بكر، وفي كل واد بنو سعد،

والرفق يمن والأناة سعادة ... فاستأن في رفق تلاق نجاحا " فان كان ولا بد من الرحلة فليختر من الرؤساء أحسنهم، ولكنه ناقض نصح صديقه وركب رأسه، فصدمته الأيام وخيبت أمله: " ووجدت الناس أخبر تقله، من أمير لا اسميه ووزير أقحمت الواو فيه، وكاتب أمي وقاض جني ".

ثم قدم عليه رسول " مولاه " فخف إليه، فاستنشده ذلك المولى من شعره فأنشده مدحه فيه، ثم طلب إليه ان يسمعه المنثور بعد المنظوم فأسمعه سجعا هو بين النثر والشعر، وكان مما قاله: " هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015