المؤرخ ابن حيان، وفي مثل " مذكرات " الأمير عبد الله بن بلكين التي تعتمد البساطة وشيئا من تعقيدات المثقف الذي يكتب بلغة بين الصحيحة والدارجة. ولعل ابن حيان هو الكاتب الوحيد الذي اشتق لنفسه أسلوبا أدبيا رفيعا لم يعتمد فيه تقليد الكتاب الآخرين، وهو فوق سهولة الأسلوب التاريخي ودون الأسلوب المسجوع إيثارا للرونق اللفظي ويتفاوت أسلوب ابن حيان بين الوصف السردي وتصوير الشخصيات، ولكنه في الحالتين مغرب يحاول الابتكار والتفرد، ومن نماذج أسلوبه قوله (?) :

" وتوفي (فلان) فسيء عوام الناس لموته، لعفاف كان يبديه، وبشر يشيعه ويستعمله وينطوي من أمثاله لأهل الدنيا على ضده، إذ كان زاهدا في إسداء المعروف، شرها إلى الحطام الدنيوي، عطلا من جميع التعاليم المحظية، لا يجيل في شيء منها ولا يقيم لسانه لحنا، وكان قد عضه صرف الزمان فأقعده إلى الأرض، واضطره إلى التوكل على مسحاته مرقحا معيشته بستانه، إلى ان عطف الدهر عليه بصحبة متولي الإمارة المنتزين على الأقطار، فخاض معهم، وشاطر السلطان خطة المواريث، ولزمه العمل على ذلك فسلخها نيفا على عشرين سنة، مرى فيها درتها، من غير تعقب ولا توقع عز، إلى أن تولت ذلك منه المنية، وقد اقتعد الثرى مطية ". ولعل ابن حيان إلى جانب قدرته في التاريخ من ابرع الأدباء في رسم الشخصيات، في سطور قليلة، على انه إلى جانب الثلب أميل وهو فيه أبرع قلما.

وربما كان أنظر ما قدمه النثر الأندلسي في ذلك العصر أسلوبا ومضمونا هو تلك الكلمات الجامعة التي تجري مجرى الحكمة والمثل، مثل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015