يستطيع بها أن يهادن أو يهدد أو يعزي أو يهنئ أو يجد التسويغ الملائم لحادثة ما.

ومهما تكن نظراتها إلى هذا النوع الديواني من النثر، فثمة حقيقة لا يمكن أن نغفلها وهي ان الأندلسيين كانوا يقدرون بعض نماذج من ذلك النثر الديواني، ويحفظونها ويحيطونها بالإعجاب. من ذلك رسالة ابن أبي الخصال التي أنحى فيها على الجند المرابطي، فقد تناقلوها حفظا لأنها كانت تعبيرا عما يعتلج في نفوسهم، لا لقيمتها البلاغية فحسب. ومن ذلك أيضا رسالة لا ريب في براعتها الأسلوبية وفي طرافة العناصر التبريرية التي تقوم عليها، وهي رسالة كتبت على لسان علي بن يوسف بن تاشفين في عزل أبي الحسن بن أضحى الغرناطي عن قضاء المرية، ولا ندري من هو كاتبها، وقد بلغ إعجاب أحد الأندلسيين بها أن تحدث بها إلى السلفي الإمام، وهذا بعض ما جاء فيها (?) :

" كتابنا؟ في حضرة مراكش بعد أن نمي إلينا وتقرر لدينا أن الجهول ابن أضحى أجهل بأحكام القضاء من العلجوم، إذ قد اظهر فيكم أحكاما يترحم فيها على سدوم، وقد جعلنا شهب العزلة لشياطينه كالرجوم، وقلدناه خطة الشوم، ونبذناه دون أن تداركه نقمة من ربه بالعراء وهو مذموم، ولعل متعسفا يتعسف، وجائرا لا ينصف، يلومنا في تقديمه، وينالنا من العتب بأليمه، ولا قدح، فقد اختار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لوحي الله لعين بني سرج، وقد اغتر عثمان بحمران، ولسنا أول من خانه القياس، ومن لم يأته من الغوير بأس؟ ".

وقدمت الأندلس نثرها الأصيل في ذلك الأسلوب المرسل الذي لم يخرج عنه ابن حزم، وفي ذلك " الاندفاع الملتوي " الذي يمثله أسلوب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015