تاريخ ابن خلدون (صفحة 4628)

ولم يكن إلا أن نفلت الأنفال [1] ، ووسمت بالأوضاح الأغفال [2] ، وتميّزت الهوادي والأكفال [3] ، وكان إلى غزو مدينة جيّان الاحتفال، قدنا إليها الجرد [4] تلاعب الظلال نشاطا، والأبطال تقتحم الأخطار رضى بما عند الله واغتباطا، والمهنّدة الدّلق [5] تسبق إلى الرقاب استلالا واختراطا، واستكثرنا من عدد القتال احتياطا، وأزحنا العلل عمّن أراد جهادا منجيا غباره من دخان جهنّم ورباطا، ونادينا الجهاد! الجهاد! يا أمّة الجهاد! راية النّبيّ الهادي! الجنّة تحت ظلال السّيوف الحداد!، فهزّ النداء إلى الله تعالى كلّ عارم وغامر [6] ، وائتمر الجمّ من دعوى الحق إلى أمر آمر، وأتى النّاس من الفجوج [7] العميقة رجالا وعلى كل ضامر [8] ، وكاثرت الرّايات أزهار البطاح لونا وعدا، وسدّت الحشود مسالك الطّريق العريضة سدّا، ومدّ بحرها الزّاخر مدّا، فلا يجد لها النّاظر ولا المناظر حدّا.

وهذه المدينة هي الأمّ الولود، والجنّة التي في النّار لسكّانها من الكفّار الخلود، وكرسيّ الملك، ومجنبة [9] الوسطى من السّلك، باءت بالمزايا العديدة ونجحت، وعند الوزان بغيرها من أمّات [10] البلدان، رجحت، غاب الأسود، وجحر الحيّات السّود، ومنصّب [11] التّماثيل الهائلة، ومعلّق النّواقيس المصلصلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015