جسر يعبر، ومتاع لا يغبط من حبي ولا يحبر [1] ، إنّما هو خبر يخبر، وأن الحسرة بمقدار ما على تركه يجبر، وأنّ الأعمار أحلام، وأنّ النّاس نيام، وربما رحل الرّاحل عن الخان [2] ، وقد جلّله بالأذى والدّخان، أو ترك به طيبا، وثناء يقوم بعد للآتي خطيبا، فجعلنا العدل في الأمور ملاكا [3] ، والتفقّد للثّغور مسواكا، وضجيع المهاد، حديث الجهاد، وأحكامه مناط الاجتهاد، وقوله:
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ» 61: 10 [4] من حجج الاستشهاد، وبادرنا رمق [5] الحصون المضاعة وجنح [6] التّقيّة [7] دامس [8] ، وعواريها [9] لا تردّ يد لامس [10] ، وساكنها بائس، والأعصم [11] في شعفاتها [12] من العصمة يائس، فزيّنّا ببيض الشّرفات ثناياها، وأفعمنا بالعذب الفرات ركاياها [13] وغشّينا بالصّفيح المضاعف أبوابها، واحتسبنا عند موفي الأجور ثوابها، وبيّضنا بناصع الكلس أثوابها، فهي اليوم توهم حسّ العيان، أنها قطع من بيض العنان [14] ، وتكاد تناول قرص البدر بالبنان، متكفّلة للمؤمنين من فزع الدّنيا والآخرة بالأمان، وأقرضنا الله قرضا، وأوسعنا مدوّنة الجيش [15] عرضا، وفرضنا إنصافه مع الاهلّة فرضا، واستندنا من التّوكل على الله الغنيّ الحميد إلى ظلّ لواء، ونبذنا إلى الطّاغية