لنقنع من جناه [1] المهتصر [2] ، بالمقتضب المختصر، ولا لنقابل طول طوله [3] بالقصر، لولا طروّ الحصر [4] .
وقد كان بين الأسلاف- رحمة الله عليهم ورضوانه- ودّ أبرمت من أجل الله معاقده [5] ، ووثرت للخلوص [6] ، الجليّ النّصوص، مضاجعه القارّة ومراقده، وتعاهد بالجميل يوجع لفقده فاقده، أبى الله إلا أن يكون لكم الفضل في تجديده، والعطف بتوكيده، فنحن الآن لا ندري أيّ مكارمكم نذكر، أو أيّ فواضلكم نشرح أو نشكر، أمفاتحتكم التي هي في الحقيقة عندنا فتح، أم هديّتكم، وفي وصفها للأقلام سبح [7] ، ولعدوّ الإسلام بحكمة حكمتها كبح [8] ، إنّما نكل الشّكر لمن يوفّي في جزاء الأعمال البرّة، ولا يبخس مثقال الذّرّة ولا أدنى من مثقال الذّرّة، ذي الرّحمة الثّرّة [9] ، والألطاف المتّصلة المستمرّة، لا إله إلّا هو.
وإن تشوّفتم إلى الأحوال الرّاهنة، وأسباب الكفر الواهية بقدرة الله- الواهنة [10] ، فنحن نطرفكم بطرفها [11] ، ونطلعكم على سبيل الإجمال بطرفيها، وهو أننا لمّا أعادنا الله من التّمحيص، إلى مثابة التّخصيص، من بعد المرام العويص، كحلنا بتوفيق الله بصر البصيرة، ووقفنا على سبيله مساعي الحياة القصيرة، ورأينا كما نقل إلينا، وكرّر على من قبلنا وعلينا- أن الدّنيا- وإن غرّ الغرور [12] وأنام على سرر الغفلة السّرور، فلم ينفع الخطور [13] على أجداث [14] الأحباب والمرور،-