تاريخ ابن خلدون (صفحة 4625)

عهده على سواء [1] وقلنا: ربّنا أنت العزيز، وكلّ جبّار لعزّك ذليل، وحزبك هو الكثير، وما سواه قليل، أنت الكافي، ووعدك الوعد الوافي، فأفض [2] علينا مدارع [3] الصّابرين، واكتبنا من الفائزين بحظوظ رضاك الظّافرين، وثبّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.

فتحرّكنا أول الحركات، وفاتحة مصحف البركات، في خفّ من الحشود، واقتصار على ما بحضرتنا من العساكر المظفّرة والجنود، إلى حصن آشر [4] البازي المطلّ، وركاب العدوّ الضالّ المضلّ، ومهدي نفثات [5] الصّلّ [6] ، على امتناعه وارتفاعه، وسمو يفاعه [7] ، وما بذل العدوّ فيه من استعداده، وتوفير أسلحته وأزواده، وانتخاب أنجاده، فصلينا بنفسنا ناره، وزاحمنا عليه الشهداء نصابر أواره [8] ونلقى بالجوارح العزيزة سهامه المسمومة، وجلا مده الملمومة [9] وأحجاره، حتى فرعنا [10] بحول من لا حول ولا قوة إلا به- أبراجه المنيعة وأسواره، وكففنا عن البلاد والعباد أضراره، بعد أن استضفنا إليه حصن السّهلة جاره، ورحلنا عنه بعد أن شحنّاه رابطة وحامية، وأزوادا نامية، وعملنا بيدنا في رمّ ما ثلم القتال، وبقر من بطون مسابقة الرّجال، واقتدينا بنبيّنا- صلوات الله عليه وسلامه- في الخندق [11] لمّا حمى ذلك المجال، ووقع الارتجاز المنقول حديثه والارتجال [12] ، وما كان ليقرّ للإسلام مع تركه القرار، وقد كثب الجوار،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015