الظّليم [1] ، وتضاؤل الريّم [2] وأخرس مفوّه [3] اللسان، وهو بملكات البيان، الحفيظ العليم، وناب لسان الحال، عن لسان المقال، عند الاعتقال [4] ، فقال يخاطب المقام الّذي أطلعت أزهارها غمائم جوده، واقتضت اختيارها بركات وجوده: لو علمنا أيّها الملك الأصيل، الّذي كرم منه الاجمال والتفصيل، أنّ الثناء يوازيها، لكلنا لك بكيلك، أو الشّكر يعادلها ويجازيها، لتعرّضنا بالوشل [5] إلى نيل نيلك [6] ، أو قلنا هي التي أشار إليها مستصرخ سلفك المستنصر بقوله:
«أدرك بخيلك» ، حين شرق بدمعه الشّرق [7] ، وانهزم الجمع واستولى الفرق، واتسع فيه- والحكم للَّه- الخرق [8] ورأى أن مقام التّوحيد بالمظاهرة على التّثليث، وحزبه الخبيث، الأولى والأحق.
والآن قد أغنى الله بتلك النيّة، عن اتخاذ الطوال الردينيّة [9] ، وبالدّعاء من تلك المثابة الدينيّة إلى ربّ المنيّة [10] ، وعن الجرد العربيّة، في مقاود اللّيوث الأبية، وجدّد برسم هذه الهديّة، مراسيم العهود الوديّة، والذّمم الموحّديّة، لتكون علامة على الأصل، ومكذّبة لدعوى الوقف والفصل، وإشعارا بالألفة التي لا تزال ألفها ألف الوصل، ولأمها حراما على النّصل [11] .
وحضر بين يدينا رسولكم، فقرّر من فضلكم ما لا ينكره من عرف علوّ مقداركم، وأصالة داركم، وفلك إبداركم، وقطب مداركم، وأجبناه عنه بجهد [12] ما كنّا