بالبطيسي، فساء أثره في أهل طرابلس، وحجب عنهم وجه الرضى من سلطانه، وحمله على مصادرتهم واستخلاص أموالهم حتى أجمعوا الثورة بالسلطان فركب السفين ناجيا منهم بعد أن تعرّض بعضهم لوداعه فأطلعه على سعايات البطيسي بهم فقتلوه لوقته، وقتلوا قاضيا بطرابلس من أهل تونس كان يمالئ على ذلك. وتولّى كبر ذلك أحمد بن عربي. ثم هلك وقام بأمر طرابلس محمد بن كعبور فقتله سعيد ابن طاهر المزوغي وملك أمر البلد، وكان معه أبو البركات بن أبي الدنيا فمات حتف أنفه. واستقلّ ابن طاهر بأمر طرابلس اثنتي عشرة سنة. ثم هلك وقام بأمرها ثابت ابن عمّار الزكوجي من قبائل هوّارة. وثار به لستة أشهر من ولايته أحمد بن سعيد بن طاهر فقتله واستبدّ به. ثم ثار به جماعة زكوجة وقتلوه في مغتسله عند الآذان بالصبح، وولّوا محمدا ابن شيخهم ثابت بن عمّار أعوام سبعة وعشرين فاستبدّ بأمر طرابلس نحوا من عشرين سنة وظل الدولة متقلّص عنه. وهو يغالط عن الإمارة بالتجارة والاحتراف بها ولبوس شارتها، والسعي راجلا في سكك المدينة يتناول حاجاته وما عونه بيده ويخالط السوقة في معاملاته، يذهب في ذلك مذهب التخلّق والتواضع يسر منه حسوا في ارتغاء، ويطلب العامل من تونس، فيبعثه السلطان على طرابلس يقيم عنده معتملا في تصريفه. وهو يبرأ إليه ظاهرا من الأحكام والنقض والإبرام إلى أن كان تغلّب بني مرين على إفريقية. ووصل السلطان أبو الحسن إلى الحضرة على ما نذكره، فداوله طرف الحبل وهو ممسك بطرفه، ونقل إلى الإسكندرية ماله وذخيرته. ثم اغتاله أثناء ذلك جماعة من مجريش عند داره فقتلوه، وثار منهم للحين بطانته وشيعه. وولي بعده ابنه ثابت، فتزيّا بزي الإمارة في اللبوس والركوب بحلية الذهب، واتخاذ الحجاب والبطانة.
وأقام على ذلك إلى أن اجتمع بها أسطول من تجّار النصارى أغفلوا أمرهم لكثرة طروقهم وتردّدهم في سبيل التجارة، وكثرة ما يغشاها من سفنهم، فغدروا ليلا وثاروا فيها وكثروا أهلها فأسلم الحامية إليهم باليد. وفرّ مقدّمهم ثابت إلى حلّة أولاد مرغم أمراء الجواري في انحائها [1] فقتلوه صبرا لدمّ كان أصابه منهم في رياسته، فكانت مدته ست سنين، وقتلوا معه أخاه عمارا. واكتسح النصارى جميع ما كان بالبلد من