الذخيرة والمتاع والخرثيّ والماعون، وشحنوا السفن بها وبالأسرى من العقائل والحامية مصفّدين، وأقاموا بالبلد أياما على قلقة [1] ورهب من الكرّة لو كان لها رجال. ثم تحدّثوا مع من جاورها من المسلمين في فدائها فتصدّى لذلك صاحب قابس أبو العبّاس أحمد بن مكي وبذل لهم فيها خمسين ألفا من الذهب استوهب أكثرها من جماعة المسلمين بالبلاد الجريدية تزلفا إلى الله باستخلاص الثغر من يد الكفر، وذلك سنة [2] وخمسين ولحق ولد ابن ثابت بثغر الإسكندرية فأقاموا به يحترفون بالتجارة إلى أن هلك أحمد بن مكي سنة ست وستين وسبعمائة، وقام بأمره ولده عبد الرحمن.
فسما أبو بكر بن محمد بن ثابت إلى رياسة أبيه، وذكر عهود الصبا في معاهد قومه فاكترى من النصارى سفنا شحنها بصنائعه وموالي أبيه، ونازلها سنة إحدى وسبعين وسبعمائة في أسطول من أساطيلهم. واجتمع إليه ذؤبان العرب ففرّق فيهم الأموال وأجلب عليها بمن في قراها وأريافها من الرجل، فاقتحمها على عبد الرحمن بن أحمد بن مكي عنوة، وأجاره العرب من أولاد مرغم بن صابر، تولّى ذلك منهم إلى أن أبلغوه مأمنه في إيالة عمّه عبد الملك بمكان إمارتهم بقابس.
واستوسق أمر طرابلس لأبي بكر هذا، واستقلّ بولايتها. ودخل في طاعة السلطان أبي العبّاس بتونس، وخطب له على منابرة، وقام يصانعه بما للسلطان من الضريبة، ويتحفه حينا بعد حين بالهدايا والطرف إلى أن هلك سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، وولي مكانه علي ابن أخيه عمّار، وقام بكفالته عمّه. وكان قائده قاسم ابن خلف الله متّهما بالتشيع للصبي المخلف عن أبي يحيى، فارتاب ودفعوه لاقتضاء المغارم من مسرتة، فتوحّش الخليفة من علي وانتقض. ثم بعث إليه بأمانه فرجع إلى طرابلس، ثم استوحش وطلب الحج فخلّوا سبيله وركب البحر إلى الإسكندرية. ولقي بها خالصة السلطان محمد بن أبي هلال عام حج فأخذ منه ذمّة، وكرّ راجعا في السفين إلى تونس يستحث السلطان لملك طرابلس. فلما مرّ بهم راسلوه ولاطفوه واستعادوه إلى مكانه فعاد إليهم. ثم جاءته النذر بالهلكة ففرّ، ولحق السلطان بتونس واستحثّه لملك طرابلس. وبلغ الخبر إلى السلطان فبعث معه ابنه