لحاجبه، فحلّ من دولته بمكان غبطة فيه امتيازه من أمراء تلك الطوائف.
وعقد له السلطان أبو يحيى على جزيرة جربة بوسيلة أبي العبّاس ابنه، وقد كان افتتحها مخلوف بن الكماد من صنائعهم من يد العدو أهل صقلّيّة كما ذكرناه، فضمّها إليه وصيّرها في أعماله. ولم يزل هذا شأنه معه إلى أن هلك أبو العبّاس ولي العهد بتونس على يد أخيه أبي حفص عمر عند ما دخلها بعد مهلك أبيهما كما ذكرناه، ولحق أحمد بن مكي ببلده. ثم سار في وفد رؤساء الجريد إلى تلقي السلطان أبي الحسن عند نهوضه إلى إفريقية سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ولقبه معهم بوحران من أعمال تلمسان، وكان قدمه عنده فوق قدمهم. ورجع الوفد على أعقابهم محبورين. وتمسّك بأحمد بن مكي في جملته إلى الحضرة، ووفد عليه أخوه عبد الملك مؤديا طاعة السلطان، فكرّم موصله وأحسن متقبلهما جميعا إلى بلدهما على ما كان بيدهما من عمل قابس وجربة.
ثم كانت نكبة السلطان أبي الحسن على القيروان مجددا لعهد طاعته، فأرادهم السلطان على الامتنان لعبد الواحد اللحياني سلطانهم الأقدم، وعقد له على تلك الثغور الشرقية، وأنزله جربة، وأمرهما بالطاعة له ما دام في طاعته. وعقد لأبي القاسم بن عتو شيخ الموحّدين على توزر وقسطيلية بعد أن كان قطعه عند ما تقبّض عليه في واقعة السلطان أبي حفص عمر. ثم استقبل رأيه في استخلاصه عند ما انتقض عليه أبو محمد بن تافراكين. ولما رجع من القيروان إلى تونس عقد له على توزر كما ذكرناه، ولعبد الواحد بن اللحياني على قابس وجربة فأسفّ بذلك بني مكي هؤلاء.
وهلك ابن اللحياني لحين نزوله بجربة بما أصابه من علّة الطاعون الجارف سنة تسع وأربعين وسبعمائة فانتقض بنو مكي على السلطان أبي الحسن ودعوا إلى الخروج عليه وبايعوا الأفضل ابن السلطان أبي يحيى عند ما أفرج عن حصار تونس سنة خمسين وسبعمائة، وداخلوا أبا القاسم بن عتو وهو إذ ذاك لم يتوزر، فأجابهم وكانت من دواعي رحلة السلطان أبي الحسن من إفريقية وتقويضه عنها كما قدمناه. ولما رجع الحاجب أبو محمد بن تافركين من المشرق، واستقلّ بأمر تونس، ونصّب الإمام أبا إسحاق ابن السلطان أبي يحيى للخلافة بها في كفالته غصوا بمكانه من التغلّب وأنفوا من استبداده، وانحرفوا إلى دعوة الأمير أبي زيد صاحب ثغر قسنطينة. ووفد عليه