وجماعته المبعوثين بالحبال إِلَى القلعة فَقتلُوا ابْن ملاعب وَبَعض أَوْلَاده وهرب الْبَعْض واستولوا على قلعة أفامية، ثمَّ سَار إِلَيْهَا الفرنج وحاصروها وملكوا الْبَلَد والقلعة، وَقتلُوا القَاضِي الْمَذْكُور.
كَانَ صنجيل قد ملك جبلة ثمَّ حصر طرابلس وَبنى بقربها حصناً وَبنى تَحْتَهُ ربضاً، وَيعرف بحصن صنجيل، فَخرج الْملك أَبُو عَليّ بن عمار صَاحب طرابلس وأحرق الربض، فانهدم بعض السقوف الْمُحْتَرِقَة بصنجيل فَمَرض عشرَة أَيَّام وَمَات وَنقل إِلَى الْقُدس. قلت:
(نقلوا صنجيل من نَار إِلَى نَار تضرم ... قَبره إِن كَانَ فِي الْقُدس فَفِي وَادي جَهَنَّم)
وَالله أعلم.
ودام الْحَرْب بَين أهل طرابلس وَبَين الفرنج خمس سِنِين وصبر صَاحبهَا ابْن عمار عَظِيما وَقلت بهَا الأقوات وافتقرت الْأَغْنِيَاء.
ثمَّ دخلت سنة خَمْسمِائَة: فِيهَا توفّي يُوسُف بن تاشفين أَمِير الْمُسلمين ملك الْمغرب والأندلس، كَانَ حسن السِّيرَة، طلب من المستظهر التَّقْلِيد فَأرْسلهُ إِلَيْهِ وَهُوَ باني مراكش، وَملك بعده ابْنه عَليّ وتلقب بأمير الْمُسلمين أَيْضا.
" وفيهَا قتل فَخر الْملك " أَبُو المظفر عَليّ بن نظام الْملك يَوْم عَاشُورَاء، وَكَانَ أكبر أَوْلَاد نظام الْملك وزر لبركيا روق ثمَّ لِأَخِيهِ سنجر وَقتل صَائِما بنيسابور وَرَأى فِي الْمَنَام الْحُسَيْن بن عَليّ يَقُول: عجل إِلَيْنَا وَليكن إفطارك عندنَا، فَقَالَ لأَصْحَابه: قد اشْتغل فكري وَلَا محيد عَن قَضَاء الله، فَقَالُوا: الصَّوَاب أَن لَا تخرج الْيَوْم فَأَقَامَ يَوْمه يُصَلِّي وَيقْرَأ وَتصدق بِشَيْء كثير وَخرج الْعَصْر يُرِيد دَار النِّسَاء فَسمع صياح متظلم شَدِيد الحرقة فَأحْضرهُ وَقَالَ: وَمَا حالك؟ فَدفع إِلَيْهِ رقْعَة فَبينا فَخر الْملك يَتَأَمَّلهَا إِذْ ضربه بسكين فَقتله وَأمْسك الباطني وَحمل إِلَى السُّلْطَان سنجر فقرره فَأقر على جمَاعَة كذبا فَقتل هُوَ وَالْجَمَاعَة.
وفيهَا: ملك صَدَقَة بن مَنْصُور بن مزِيد قلعة تكريت سلمهَا إِلَيْهِ كيقباذ بن هزارسب الديلمي، وَكَانَت لبني معن بُرْهَة ثمَّ تنقلت حَتَّى صَارَت لأقسنقر صَاحب حلب، ثمَّ لكوهر آيين ثمَّ لمجد الْملك البلاساني فولى عَلَيْهَا كيقباذ حَتَّى سلمهَا لصدقة.
وفيهَا: أقطع السُّلْطَان مُحَمَّد جاولي سقاو والموصل والأعمال الَّتِي بيد جكرمش فَخرج جكرمش لقتاله فِي محفة مفلوجاً فَانْهَزَمَ عَسْكَر جكرمش وَأسر فِي محفته ثمَّ حصر جاولي الْموصل وَكَانَ قد أَقَامَ أَصْحَاب جكرمش زنكي بن جكرمش وَملك الْموصل وَله إِحْدَى عشرَة سنة وَطَاف جاولي بجكرمش حول الْموصل أَسِيرًا وَهُوَ يَأْمُرهُم بِتَسْلِيم الْبَلَد فَلم يقبلُوا مِنْهُ وَمَات جكرمش فِي تِلْكَ الْحَال وعمره نَحْو سِتِّينَ، وَهُوَ الَّذِي على سور