قلت:
(أَخ أبقى ببذل المَال ذكرا ... وَإِن لاموه فِيهِ ووبخوه)
(أَزَال فِرَاقه لذات عيشي ... وكل أَخ مفارقه أَخُوهُ)
وَفِيه: توفّي الشَّيْخ عَليّ بن الشَّيْخ مُحَمَّد بن الْقدْوَة نَبهَان الجبريني، بجبرين، وَجلسَ على السجادة ابْنه الشَّيْخ مُحَمَّد الصُّوفِي، كَانَ الشَّيْخ عَليّ بحراً فِي الْكَرم رَحمَه الله ورحمنا بهم آمين.
وَفِي الثَّامِن وَالْعِشْرين من ذِي الْقعدَة ورد الْبَرِيد من مصر بتوليه قَاضِي الْقُضَاة نجم الدّين عبد القاهر بن أبي السفاح قَضَاء الشَّافِعِيَّة بالمملكة الحلبية وسررنا بذلك وَللَّه الْحَمد.
وَفِيه: ظهر بمنبج على قبر النَّبِي مَتى وقبر حَنْظَلَة بن خويلد أخي خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا وَهَذَانِ القبران بمشهد النُّور خَارج منبج وعَلى قبر الشَّيْخ عقيل المنبجي وعَلى قبر الشَّيْخ ينبوب وهما دَاخل منبج، وعَلى قبر الشَّيْخ عَليّ وعَلى مشْهد المسيحات شمَالي منبج أنوار عَظِيمَة، وَصَارَت الْأَنْوَار تنْتَقل من قبر بَعضهم وتجتمع وتتراكم ودام ذَلِك إِلَى ربع اللَّيْل حَتَّى انبهر لذَلِك أهل منبج وَكتب قاضيهم بذلك محضراً وجهزه إِلَى دَار الْعدْل بحلب، ثمَّ أَخْبرنِي القَاضِي بمشاهدة ذَلِك أكَابِر وأعيان من أهل منبج أَيْضا، وَهَؤُلَاء السَّادة هم خفراء الشَّام وَنَرْجُو من الله تَعَالَى ارْتِفَاع هَذَا الوباء الَّذِي كَاد يفني الْعَالم ببركتهم إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قلت:
(إشفعوا يَا رجال منبج فِينَا ... لارْتِفَاع الوبا عَن الْبلدَانِ)
(نزل النُّور فِي الظلام عَلَيْكُم ... إِن هَذَا يزِيد فِي الْإِيمَان)
وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة بلغنَا وَفَاة القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن فضل الله الْعمريّ بِدِمَشْق بالطاعون مَنْزِلَته فِي الْإِنْشَاء مَعْرُوفَة وفضيلته فِي النّظم والنثر مَوْصُوفَة كتب السّير للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون بِالْقَاهِرَةِ بعد أَبِيه محيي الدّين، ثمَّ عزل بأَخيه القَاضِي عَلَاء الدّين، وَكتب السِّرّ بِدِمَشْق ثمَّ عزل وتفرغ للتأليف والتصنيف حَتَّى مَاتَ عَن نعْمَة وافرة دخل رَحمَه الله قبل وَفَاته بِمدَّة معرة النُّعْمَان فَنزل بِالْمَدْرَسَةِ الَّتِي أنشأتها ففرح لي بهَا وَأنْشد فِيهِ بَيْتَيْنِ أرسلهما إِلَيّ بِخَطِّهِ وهما:
(وَفِي بلد المعرة دَار علم ... بني الوردي مِنْهَا كل مجد)
(هِيَ الوردية الْحَلْوَاء حسنا ... وَمَاء الْبِئْر مِنْهَا مَاء ورد)
فأجبته بِقَوْلِي:
(أمولانا شهَاب الدّين إِنِّي ... حمدت الله إِذْ بك تمّ مجدي)
(جَمِيع النَّاس عنْدكُمْ نزُول ... وَأَنت جبرتني وَنزلت عِنْدِي)
هَذَا آخر مَا وجد من التَّارِيخ لمؤلفه الشَّيْخ زين الدّين عمر ابْن الوردي رَحمَه الله تَعَالَى.