ثم تلبعت لقاء العلماء والمحدثين واستقريت المجاورين منهم جماعة جملة يضيق هذا المجموع عنهم ويتسع برنامج روايتي لهم فهم فيه على الكمال والتمام ومن أعظمهم قدرا وأرفعهم خطرا، وأشرفهم مكانة وذكرا الشيخ الفقيه الخطيب بالحرم الشريف وصاحب الصلاة به، فارس المنابر وإمام الأمة، ومقتدي فرق الأمة. ولى الله عز وجل أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عمر المكي المالكي المشتهر بخليل نفع الله تعالى به أحد السبعة الابدال، ورب المئاثر المبرأة عن الخلاف والجدال والموجودة في بركاته ما يخجل الغيث في الانسحاب والانسدال، والموطأة أكنافة للخاصة والعامة، فهي معتدلة الكمال، كاملة الاعتدال، فالأعناق متعلقة عليه والركبان منتالة عليه، مائلة بين يديه، سامعون لأمره متبركون بمساس طمره، معترفون بفضله متصرفون عن إذن من قوله أو فعله، وكلهم يرد من إحسانه مناهل الكرم ويرود من فضله مواقع الديم، ويسترشد من نور عمله ما هو أوضح من نار على علم، ويقتدى بآثاره فيسلك شغف الشوق آداب الخدم، قد انتحله مواصلة العبادة، وأكلته الأيام بشغف الزهادة فلم تبق منه إلا الرسوم على السجادة، وهو على ذلك من أصبر الخلق وأجلدهم على إلحاح السائلين، واختلاف القاصدين إليه والسالكين والتكفل بحوائج الأغنياء والفقراء والمساكين، والنظر لجميعهم في جميع أمور الدنيا والدين لقيته بحرم مكة الشريف تجاه الكعبة المعظمة وبمنزله أيضا بقرب حرمه الشريف فاكترث الاختلاف إليه، وكنت ممن استفاد في مناسك حجه تفقها ومعاينة بين يديه، فانتفعت به أعظم الانتفاع واستفدت بالالتزام له والأتباع، وسمعت عليه واجازني جميع ما يحمله ويرويه إجارة تامة، مطلقة عامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015