والموضع المقدس الذي سقط فيه صلى الله عليه وسلم ساعة الولادة السعيدة المباركة التي جعلها الله رحمة للناس أجمعين محفوف بالغضة كأنه صهريج صغير سطحه فضة فيا لها تربة شرفها الله تعالى بأن جعلها مسقط أطهر الأجسام ومولد خير الأنام صلى الله عليه وعلى آله وأهله وأصحابه الكرام، وسلم تسليما وعليه مكتوب ما نصه: هذا ما أمر بعمله عبد الله وخليفته الإمام الناصر لدين الله أبو العباس أحمد أمير المؤمنين أعز الله أنصاره وضاعف اقتداره، في سنة ست وسبعين وخمسمائة وصلى الله على سيدنا محمد وآله، وعلى مقربة منه أيضا يشرف عليه جبل أبي قبيس وهو في الجهة الشرقية يقابل ركن الحجر الأسود وفي أعلاه رباط مبارك فيه مسجد وعليه سطح مشرف على البلدة الشريفة ومنه يظهر حسنها وحسن الحرم واتساعه وجمال الكعبة المقدسة القائمة وسطه، وهو أول جبل خلقه الله، وفيه قبر آدم عليه السلام، وفيه موقف النبي صلى الله عليه وسلم عند انشقاق القمر له بقدرة الله تعالى وهو أحد أخشبي مكة، والاخشب الثاني الجبل المتصل بقيقعان في الجهة الغربية، وبسفح أبي قبيس مسجد محتفل البناء عليه مكتوب هذا المسجد، هو مولد علي ابن أبي طالب رضوان الله عليه، وفيه تربى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان دارا لأبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم وكافله ومن جبال مكة المشهورة بعد جبل أبي قبيس جبل حراء وهو في الشرق منها على مقدار فرسخ أو نحوه وهو جبل مبارك كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما ينتابه يتعبد في غار فيه وأول آية نزلت في القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الجبل المذكور ومن جبال فيها أثر كريم ومشهد عظيم، الجبل المعروف بابي ثور، وهو في الجهة اليمنية من مكة على مقدار فرسخ وأزيد فيه الغار الذي أوى إليه النبي صلى الله عليه وسلم ومعه صاحبه الصديق رضي الله عنه حسبما ذكر الله تعالى في كتابه العزيز، وخص الله نبيه بآيات مبينات، ومن مشاهدها الكريمة أيضا دار الخيزران وهي الدار التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعبد الله فيها سرا مع الطائفة الكريمة المباردة للإسلام من أصحابه رضي الله عنهم حتى نشر الله الإسلام منها على يد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكفى بهذه الفضيلة الكريمة، ومن مشاهدها أيضا دار أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهي اليوم دار سكة الأمير ويقابلها جدار فيه حجر مبارك يتبرك الناس بلمسه يقال أنه كان يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم متى أجتاز عليه وذكر أنه صلى الله عليه وسلم جاء يوما إلى دار أبي بكر الصديق رضي الله عنه فنادى به ولم يكن حاضرا فانطق الله عز وجل الحجر المذكور، وقال يا رسول الله ليس بحاضر، وكانت من إحدى آياته المعجزات صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015