والخضر على اختلافها ولا تنقطع منها مع طول العام ولكل نوع من هذه الأنواع فضيلة موجودة في حاسة الذوق فيفضل فيها أنواعه الموجودة في سائر البلاد فهذه بركة لا خفاء لها) ولها ثلاثة أبواب (وأولها باب المعلى ومنه يخرج إلى الجبانة المباركة وهي بالموضع الذي يعرف بالحجون وعن يسار المار إليها جبل في أعلاه ثنية عليها علم شبيه البرج يخرج منها إلى طريق العمرة وتلك الثنية تعرف بكداء بفتح الكاف والمد وهي التي عنى حسان بقوله) تثير النقع موعدها كداء (. وعن يمينك إذا استقبلت الجبانة المذكورة مسجد في مسيل بين جبيلين يقال أنه المسجد الذي بايعت فيه الجن النبي صلى الله عليه وسلم وبهذه الجبانة المباركة مدفن جماعة من الصحابة والتابعين، والأولياء والصالحين رضوان الله عليهم أجمعين ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مات في أحد الحرمين بعث يوم القيامة آمنا وقال عليه السلام الحجون والبقيع يؤخذ بأطرافهما وينتشران في الجنة ووقف عليه السلام على ثنيه الحجون وليس بها يومئذ مقبرة فقال يبعث الله تعالى من هذه البقعة ومن هذا الحرم يوم القيامة سبعين ألفا فيدخلون الجنة بغير حساب. يشفع كل واحد منهم في سبعين الفا وجوههم كالقمر ليلة البدر. وعلى هذا الباب المذكور طريق الطائف وطريق العراق والصعود إلى عرفات، وهذا الباب المذكور بين الشرق والشمال وهو للشرق أميل،) ثم باب المسفل (وهو إلى جهة الجنوب وعليه طريق اليمن ومنه كان دخول خالد بن الوليد رضي الله عنه يوم الفتح، ثم باب الزاهر ويعرف أيضا بباب العمرة وهو غربي، وعليه طريق مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وطريق الشام وطريق جدة ومنه يتوجه إلى التنعيم وهو اقرب ميقات المعتمرين، يخرج من الحرم إليه على باب العمرة، ولذلك خصص بهذا الاسم، والتنعيم من البلد على فرسخ وهو طريق حسن فسيح فيه الآبار العذبة التي تسمى بالشبيكة، وعندما تخرج من البلد بنحو ميل تلقى مسجدا بازائه حجر موضوع على الطريق كالمصطبة يعلوه حجر آخر مسند فيه نقش دائر الرسم يقال أنه الموضع الذي جلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مستريحا عند مجيئه من العمرة، فيتبرك الناس بتقبيله ومسح الخدود فيه وحق لهم ذلك، وعلى جانبي الطريق من هذا الموضوع جبال أربعة جبلان من هنا وجبلان من هنا عليها أعلام من الحجارة، يقال إنها الجبال المباركة التي جعل إبراهيم عليه السلام أجزاء الطير عليها، ثم دعاهن حسبما ذكر الله في كتابه، ثم بعد هذا الموضوع بمقدار غلوة تلقى على قارعة الطريق المتوجهة إلى العمرة من جهة اليسار قبرين قد علتهما أكوام من الصخر العظام يقال أنهما قبر أبي لهب وامرأته فما زال الناس في القديم إلى هلم جرا يتخذون سنة رجمهما بالحجارة حتى علاهما من ذلك جبلان عظيمان، وعند اجتيازك الزاهر وهو مبنى على الطريق يحتوي على ديار وبساتين تمر بالوادي المعروف بذي طوى الذي نزل النبي صلى الله عليه وسلم عند دخول مكة، وكان أبن عمر رضي الله عنهما يغتسل فيه وحينئذ يدخلها وحولها إلى آبار تعرف بالشبيكة وفيه مسجد يقال أنه فيه مسجد إبراهيم عليه السلام فتأمل بركة هذا الطريق ومجموع هذا الآثار المقدسة التي اكتنفته ثم تجئ الوادي إلى مضيق تخرج منه إلى الأعلام التي وضعت حجزا بين الحل والحرم وما هو داخلها إلى مكة حرم وما هو خارجها حل وهي كالأبراج مصفوفة كبار وصغار، واحد بازاء آخر على مقربة منه تأخذ من أعلى جبل يعترض عن يمين الطريق في التوجه إلى العمرة وتشق الطريق إلى أعلى جبل عن يساره، ومنه ميقات المعتمرين وفيها مساجد مبنية يصلي المعتمرون فيها ويحرمون منها ومسجد عائشة رضي الله عنها خارج هذه الأعلام بمقدار غلوتين وإليه يصلي المالكيون ومنه يحرمون وأما الشافعيون فيحرمون من المساجد التي حول الأعلام المذكورة قال الشيخ محيي الدين النوري رحمه الله تعالى جاء عن الحسن البصري رضي الله عنه أنه قال في رسالته المشهورة إلى أهل مكة ان الدعاء يستجاب هناك في خمسة عشر موضعا، في الطواف وعند الملتزم وتحت الميزاب وفي البيت وعند زمزم وعلى الصقا وعلى السعي وفي المروة وفي السعي وخلف المقام وفي عرفات وفي المزدلفة وفي منى وعند الجمرات الثلاث، وأما مشاهدها المقدسة وأثارها العظيمة فهي اكثر من أن تحصى، ومكة شرف الله تعالى كلها مشهد كريم كفاها