لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (115) [النساء: 115] ووجدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد حضّ على التبليغ في أخبار كثيرة، ووجدناه يخاطب أصحابه فيها منها: أن دعا لهم فقال: «نضّر الله امرأ سمع مقالتي فحفظها فوعاها وحفظها وبلّغها فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه» «1» وقال صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته: «فليبلّغ الشّاهد منكم الغائب» . «2» وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «بلّغوا عنّي ولو آية ... » . «3» .
ثم تفرقت الصحابة رضي الله عنهم في النواحي والأمصار والثغور وفي فتوح البلدان والمغازي والإمارة والقضاء والأحكام، فبثّ كل واحد منهم في ناحيته وبالبلد الذي هو به ما وعاه وحفظه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكموا بحكم الله- عز وجل- وأمضوا الأمور على ما سنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأفتوا فيما سئلوا عنه مما حضرهم من جواب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نظائرها من المسائل، وجرّدوا أنفسهم- مع تقدمة حسن النية والقربة إلى الله تقّدس اسمه- لتعليم الناس الفرائض والأحكام والسنن والحلال والحرام حتى قبضهم الله- عز وجل- رضوان الله ومغفرته ورحمته عليهم أجمعين" «4» .