مس إنجلترا وفراولين ألمانيا تتحليان بصورة (هنيبعل) الصغير (دايان) على صدورهما- أن أي قوة بشرية مهما ساندها من التكنولوجية والمال لن تستطيع حذف أمة من الوجود.
فالحلف بين المال والتكنولوجية له حدوده كما يلاحظ (روسي)، إذ يبدو له وجه التشابه في القتال بين أمريكا وإسرائيل في صورة ((قتال الترف الذي يجابه في مجتمع الاستهلاك العنصر البشري الفقير (ولكنه عظيم)، يجابه فيه من يعنى براحته وصحته ذلك الذي ليس لديه الوسيلة ولا الوقت ولا المال ليرفه عن نفسه)).
فهذا المقطع من كتاب (روسي) له، من بين مزاياه، أنه يقضي على خرافة خطيرة هي: أن الناس تعودوا على استخدام صورة مثبطة للهمم، عندما يتحدثون عن (صراع ماعون الطين مع ماعون الحديد).
هذه الصورة طالما خدرت الضمائر في عهد الإستعمار، وطالما خدمت سياسته لأنها لعبت دور المحبس النفسي، الذي يحبس انطلاق الطاقات الثورية لدى الأجيال المستعمرة.
ولعله وجب علينا أن نعطي الصورة قالبا آخر هو أقرب لواقع الصراع الثوري ضد سلطة استعمارية: إنه صراع ماعون العدم مع الحديد.
فمنذا الذي يستطيع تحطيم العدم، الذي هو في معناه وجوهره لا يحطم.
فكأنما (روسي) أراد أن يكشف لنا هذه الحقيقة فما أورده بصدد معركة الكرامة حيث يقول:
((إن العمليات الأولى التي بدأت في شهر آب (أغسطس) 1967، لم يكن هدفها سوى لفت النظر للقضية، ورفع المعنويات العربية التي أصيبت إصابة