أما الفدائيون الفلسطينيون فقد كشفوا للجيل الذي يشاهد تحليل الذرة، أن الذرة الإنسانية لا تحطم فعلا، وأن الأجهزة الضخمة التي تريد تحطيمها قد يصيبها العطب)).
و (روسي) لا يخرج من دائرة هذا الدرس السامي، حين يوازن ((جيش الغزاة المحتلين الذين يجدون لديهم ما يشتهون. ويمشون في ضوء الشمس، مع جيش الشعوب المكافحة الذي يسير في دجنة الليل حتى لا يرى)).
ثم يعكس هذه الحقيقة على موضوع كتابه فيقول عن جدارة: ((إن الجيش الفلسطيني هو ذلك الجيش: فرجال فلسطين ونساؤها وأطفالها أضحوا في وضع لم يبق لهم فيه سوى التجنيد، إذ لم يبق لهم سقف ولا أرض ولامال)).
لم يبق لهم سوى (كفنهم) كما تقول أنشودة أنشدوها في أرض الهجرة والاغتراب يذكرها المؤلف.
لكن هؤلاء الجائعين المنبوذين من وطنهم، هؤلاء المحذوفين هن قائمة الأمم بإرادة الدول الكبرى، أدركوا بأن وجودهم بوصفهم خعبا يوضع هذا الموضع إنما هو (في مشرب بندقيته) حسب تعبير (ماوتسي تونغ) إذا تصرفنا فيه قليلا.
وبازدراء تُعلقه الأقدار على رأس كل إرادة توسعية، وعلى رأس كل طاغية رأينا في الأسبوع الذي تلا الخامس من حزيران (يونيو)، الضباب الذي حجب شعبا قُبر حيا، بعد ما سقط (جالوت) مزيف تحت ضربات (داود) مزيف، وكانت قطيرات من الصداقة الدولية المقطرة تتخلل ذلك الضباب تحت إشراف هيئة الأمم. وها هو ذا الضباب يتمزق وتتمزق معه مطامع كانت تستهدف (يالطة جديدة) خاصة بالبحر الأبيض.
لقد ظهر شعب فلسطين من خلال الضباب، وخرج من مآويه الحقيرة التي أعدتها الصداقة الدولية على حدود بلاده، ليبين للعالم المتحضر- وقد أصبحت