قَالَ يحيى: فَمَاتَ مليح وَلم ينْتَفع بِهِ، وابتلي حَفْص فِي بدنه بالفالج وَفِي دينه بِالْقضَاءِ، وَلم يمت يُوسُف حَتَّى اتهمَ بالزندقة.
وَأما قصَّة البُخَارِيّ، فَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: سَمِعت عدَّة مَشَايِخ يحكون أَنه قدم بَغْدَاد، فَاجْتمع إِلَيْهِ أَصْحَاب الحَدِيث، فعمدوا إِلَى مائَة حَدِيث فقلبوا متونها وأسانيدها؛ جعلُوا متن هَذَا الْإِسْنَاد لإسناد آخر، وَإسْنَاد هَذَا الْمَتْن لمتن آخر، ودفعوا إِلَى عشرَة، لكل رجل عشرَة أَحَادِيث، فَحَضَرَ مَجْلِسه جمَاعَة من أَصْحَاب الحَدِيث من الغرباء، من أهل خُرَاسَان، وَغَيرهم من البغداديين، فَمَا اطْمَأَن الْمجْلس، انتدب من الْعشْرَة رجل فَسَأَلَهُ عَن عشرته حَدِيثا حَدِيثا، وَيَقُول البُخَارِيّ فِي كل وَاحِد: لَا أعرفهُ، ثمَّ فعل بَقِيَّة الْعشْرَة بِمَا عِنْدهم كَذَلِك.
فَلَمَّا علم البُخَارِيّ أَنهم فرغوا، الْتفت إِلَى الأول فَقَالَ: أما حَدِيثك الأول فَهُوَ كَذَا، حَتَّى أصلح لجميعهم مَا سَأَلُوا عَنهُ مقلوبا، ورد متون الْأَحَادِيث إِلَى إسانيدها، وَأقر لَهُ من حضر بِالْحِفْظِ وَالْعلم.
وأوردتها مختصرة وَلم أعْتَمد سِيَاقه لَكِن مَعْنَاهُ.
وَأما قصَّة الْعقيلِيّ، فَقَالَ مسلمة بن الْقَاسِم - عِنْد ذكره أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن عَمْرو ابْن مُوسَى بن حَمَّاد بن مدرك الْعقيلِيّ -: كَانَ مكيا، ثِقَة، جليل الْقدر، عَظِيم الْخطر، عَالما بِالْحَدِيثِ، مَا رَأَيْت أحدا من أهل زَمَاننَا أعرف بِالْحَدِيثِ مِنْهُ، وَلَا أَكثر جمعا، وَكَانَ كثير التَّأْلِيف، عَارِفًا بالتصنيف، وَكَانَ كل من أَتَاهُ من أَصْحَاب الحَدِيث ليقْرَأ عَلَيْهِ " قَالَ لَهُ: اقْرَأ كتابك فَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ وَلَا يخرج