أَصله، فأنكرنا ذَلِك عَلَيْهِ " وتكلمنا فِي أمره، فَقُلْنَا: إِمَّا أَن يكون من أحفظ النَّاس، أَو أكذب النَّاس، وَاجْتمعت مَعَ نفر من أَصْحَاب الحَدِيث، فاتفقنا على أَن نكتب لَهُ أَحَادِيث من أَحَادِيثه ونزيد فِيهَا وننقص، ونقرؤها عَلَيْهِ، فَإِن هُوَ علم بهَا وَأصْلح من حفظه، عرفنَا أَنه من أوثق النَّاس وأحفظهم، وَإِن لم يفْطن للزِّيَادَة وَالنُّقْصَان، علمنَا أَنه من أكذب النَّاس، فاتفقنا على ذَلِك، فأخذنا أَحَادِيث من رِوَايَته، فبدلنا مِنْهَا ألفاظا، وزدنا فِيهَا ألفاظا، وَتَركنَا مِنْهَا أَحَادِيث صَحِيحَة، ثمَّ أَتَيْنَا بهَا مَعَ أَصْحَاب لنا من أهل الحَدِيث، فَقُلْنَا لَهُ: أصلحك الله، هَذِه أَحَادِيث من روايتك، أردنَا سماعهَا وقراءتها عَلَيْك، فَقَالَ لي: اقْرَأ، فقرأتها عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَتَت الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان، فطن لذَلِك، فَأخذ مني الْكتاب وَأخذ الْقَلَم فأصلحها من حفظه، وَألْحق النُّقْصَان، وَضرب على الزِّيَادَة، وصححها كَمَا كَانَت، ثمَّ قَرَأَهَا علينا، فانصرفنا من عِنْده وَقد طابت أَنْفُسنَا، وَعلمنَا أَنه من أحفظ النَّاس.
فَهَذَا كَانَ شَأْنهمْ فِي الاختبار بالتلقين، فَمن يفْطن لما يرْمى بِهِ يوثق، وَمن يَتَلَقَّن وَلَا يفْطن لما لقن من الْخَطَأ، تسْقط الثِّقَة بِهِ إِذا تكَرر ذَلِك مِنْهُ، وَمن شهد عَلَيْهِ بالتلقين لما هُوَ خطأ، وَكَانَ ذَلِك مِنْهُ مرّة، ترك ذَلِك الحَدِيث من حَدِيثه، وَمن شهد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ يَتَلَقَّن، وَلم نعلم من حَاله أَنه كَانَ يفْطن أَو لَا يفْطن، هَذَا مَوضِع نظر.
وَهَذِه حَال سماك، لَا كهشام بن عمار وَمن يُشبههُ، فقد قَالَ أَبُو حَاتِم: إِنَّه لما كبر تغير، فَكَانَ كل مَا دفع إِلَيْهِ قَرَأَهُ، وكل مَا لقن تلقن.