وقيل له: ألا تدخل على الولاة فتتحفّظ وتعظهم وتنهاهم؟ فقال: تأمروني أن أسبح في البحر ولا تبتلّ قدماي، إني أخاف أن يُرحّبوا بي فأميلُ إليهم فيحبط عملي. انتهى.
أنظر كيف خاف الميل إليهم مع التحفّظ والوعظ فما حال من ليس كذلك.؟
قال الفضيل بن عياض لسفيان بن عيينه لما أخذ من البرامكة: كنتم معاشر العلماء سُرُجاً للبلاد يُسْتضاء بكم فصرتم ظُلْمة، وكنتم نجوماً يُهْتدى بكم فصرتم حَيْرة.
أما يستحيي أحدكم من الله إذا أتى هؤلاء الأمراء وأخذ من مالهم وهو يعلم من أين أخذوه ثم يُسْند ظهره إلى محرابه ويقول: حدثني فلان عن فلان، فطأطأ سفيان رأسه وقال: نستغفر الله ونتوب إليه.
وكان الفضيل يقول: عالِم الآخرة علمه مستور وعالم الدنيا علمه منشور فاتبعوا عالم الآخرة واحذروا عالم الدنيا أن تجالسوه فإن يفتنكم بغروره وزخرفته ودَعْواه العلم من غير عمل، والعالِم مَن صَدَق. انتهى
أنظر في وقتنا الشارات التي يسعون لها والرموز وأن ذلك هو معنى قوله: (علمه منشور) وتأمل قوله عن عالم الدنيا: يفتنكم بغروره وزخرفته، وأن هذا مطابق في زماننا لمن ملئوا الأرض الذين جعلوا العلم وسيلة للدنيا وكم يزخرفون أقوالهم يغرون بها من ينتقدهم فيقولون: