بلذاتها ولا شهواتها إلا مدة قليلة، فكانت لذاته قليلة، وأحزانه طويلة.

وكل نوع من لذاتها فيه هذه الفتنة والاختبار، ولكن أبلغ ما يكون وأشد فتنة النساء، فإن فتنتهن عظيمة، والوقوع فيها خطير وضررها كبير، فإنهن مصائد الشيطان وحبائله، كم صاد بهن من معافى فأصبح أسير شهوته، رهين ذنبه، قد عز عليه الخلاص، والذنب ذنبه، فإنه الذي لم يحترز من هذه البلية، وإلا فلو تحرز منها، ولم يدخل مداخل التهم، ولا تعرض للبلاء، واستعان باعتصامه بالمولى، لنجا من هذه الفتنة، وخلص من هذه المحنة.

ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث منها على الخصوص. وأخبر بما جرت على من قبلنا من الأمم؛ فإن في ذلك عبرة للمعتبرين، وموعظة للمتقين. . والله أعلم.

[حديث الإيمان بضع وسبعون شُعْبَةً أَعْلَاهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. . .]

الحديث التاسع والسبعون عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ - أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ - شُعْبَةً، أَعْلَاهَا: قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمان» . متفق عليه.

هذا الحديث من جملة النصوص الدالة على أن الإيمان اسم يشمل عقائد القلب وأعماله، وأعمال الجوارح، وأقوال اللسان، فكل ما يقرب إلى الله، وما يحبه ويرضاه، من واجب ومستحب، فإنه داخل في الإيمان، وذكر هنا أعلاه وأدناه، وما بين ذلك وهو الحياء. «والحياء شعبة من الإيمان» ولعل ذكر الحياء ; لأنه السبب الأقوى للقيام بجميع شعب الإيمان. فإن من استحيا من الله لتواتر نعمه، وسوابغ كرمه، وتجليه عليه بأسمائه الحسنى، والعبد - مع هذا كثير التقصير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015