الحديث الثامن والسبعون عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ ; فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بْنِي إِسْرَائِيلَ كانت في النساء» . رواه مسلم.
أخبر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بحال الدنيا وما هي عليه من الوصف الذي يروق الناظرين والذائقين. ثم أخبر أن الله جعلها الدنيا محنة وابتلاء للعباد، ثم أمر بفعل الأسباب، التي تقي من الوقوع في فتنتها.
فإخباره بأنها حلوة خضرة يعم أوصافها التي هي عليها، فهي حلوة في مذاقها وطعمها، ولذاتها وشهواتها، خضرة في رونقها وحسنها الظاهر، كما قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} [آل عمران: 14] وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف: 7]
فهذه اللذات المنوعة فيها، والمناظر البهيجة، جعلها الله ابتلاء منه وامتحانا، واستخلف فيها العباد لينظر كيف يعملون.
فمن تناولها من حلها، ووضعها في حقها، واستعان بها على ما خلق له من القيام بعبودية الله، كانت زادا له وراحلة إلى دار أشرف منها وأبقى، وتمت له السعادة الدنيوية والأخروية.
ومن جعلها أكبر همه، وغاية علمه ومراده، لم يؤت منها إلا ما كتب له، وكان مآله بعد ذلك إلى الشقاء، ولم يهنأ