مع هذا الرب الجليل الكبير يظلم نفسه ويجني عليها - أوجب له هذا الحياء التوقي من الجرائم، والقيام بالواجبات والمستحبات.
فأعلى هذه الشعب شعب الإيمان وأصلها وأساسها، قول: " لا إله إلا الله " صادقا من قلبه، بحيث يعلم ويوقن أنه لا يستحق هذا الوصف العظيم، وهو الألوهية إلا الله وحده ; فإنه هو ربه الذي يربيه ويربي جميع العالمين بفضله وإحسانه، والكل فقير وهو الغني، والكل عاجز وهو القوي، ثم يقوم في كل أحواله بعبوديته لربه، مخلصا له الدين، فإن جميع شعب الإيمان فروع وثمرات لهذا الأصل.
ودل على أن شعب الإيمان بعضها يرجع إلى الإخلاص للمعبود الحق، وبعضها يرجع إلى الإحسان إلى الخلق.
ونبه بإماطة الأذى على جميع أنواع الإحسان القولي والفعلي. الإحسان الذي فيه وصول المنافع، والإحسان الذي فيه دفع المضار عن الخلق.
وإذا علمنا أن شعب الإيمان كلها ترجع إلى هذه الأمور، علمنا أن كل خصلة من خصال الخير فهي من الشعب، وقد تكلم العلماء على تعيينها.
فمنهم: من وصل إلى هذا المبلغ المقدر في الحديث.
ومنهم: من قارب ذلك، ولكن إذا فهم المعنى تمكن الإنسان أن يعتد بكل خصلة وردت عن الشارع - قولية أو فعلية، ظاهرة أو باطنة - من الشعب، ونصيب العبد من الإيمان بقدر نصيبه من هذه الخصال، قلة وكثرة، وقوة وضعفا، وتكميلا وضده، وهي ترجع إلى تصديق خبر الله وخبر رسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما.