القادرون, ويسّر للقادرين بسببهم من الرزق ما لم يكن لهم في حساب: فإنّ الله جعل لكلّ أحدٍ رزقاً مقدّراً.
وقد جعل أرزاق هؤلاء العاجزين على يد القادرين, وأعان القادرين على ذلك, وخصوصاً من قويت ثقتهم بالله, واطمأنّت نفوسهم لثوابه فإنّ الله يفتح لهؤلاء من أسباب النصر والرزق ما لم يكن لهم ببال, ولا دار لهم في خيال.
فكم من إنسانٍ كان رزقه مقتراً, فلما كثرت عائلته والمتعلّقون به, وسّع الله له الرزق من جهات وأسباب شرعيّة قدريّة إلهية.
ومن جهة, وعد الله الذي لا يخلف: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:39] .
ومن جهة: دعاء الملائكة كلّ صباحٍ يوم: "اللهم أعط منفقاً خلفاً وأعط ممسكاً تلفاً"1.
ومن جهة: أنّ أرزاق هؤلاء الضعفاء توجّهت إلى من قام بهم وكانت على يده.
ومن جهة: أنّ يد المعطي هي العليا من جميع الوجوه.
ومن جهة: أنّ المعونة من الله تأتي على قدرة المؤنة, وأنّ البركة تشارك كلّ ما كان لوجه, ومراداً به ثوابه, ولهذا نقول:
ومن جهة: إخلاص العبد لله, وتقرّبه إليه بقلبه ولسانه ويده, كلّما أنفق, توجّه إلى الله وتقرّب إليه, وما كان له فهو مبارك.
ومن جهة: قوّة التوكّل, وثقة المنفق, وطمعه في فضل الله وبرّه, والطمع والرجاء من أكبر الأسباب لحصول المطلوب.
ومن جهة: دعاء المستضعفين المنفق عليهم, فإنّهم يدعون الله –إن قاموا وقعدوا, وفي كلّ أحوالهم- لمن قام بكفايتهم, والدعاء سبب قوي {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] . وكلّ هذا مجرّب مشاهد, فتباً للمحرومين, وما أجل ربح الموفقين. والله أعلم.