باتصال الإسناد من غير قَطْع ولا إرسال، فيكون هذا القسم من الصحيح إلا أن طريقه لا يكون طريق ما أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما بل طريقه طريق ما ترك البخاري ومسلم من الصحيح لما بَيَّنَّا أنهما تركا كثيراً من الصحيح الذي حفظاه.

والقسم الثالث: أحاديث أخرجاها من غير قطع منهما بصحتها، وقد أبانا علتها بما يفهمه أهل المعرفة، وإنما أودعا هذا القسم في كتابيهما لرواية قوم لها واحتجاجهم بها، فأورداها وبَيَّنَا سَقَمَها لتزول الشبهة، وذلك إذا لم يَجِدا له طريقاً غيره؛ لأنه أقوى عندهما من رأي الرجال.

وأما أبو عيسى الترمذي فكتابه -يعني «الجامع» - على أربعة أقسام:

قسم صحيح مقطوع به، وهو ما وافق البخاري ومسلماً.

وقسم على شرط أبي داود والنسائي كما بينا في القسم الثاني لهما.

وقسم آخر كالقسم الثالث لهما أخرجه وأبان عن علته.

وقسم رابع أبان هو عنه، وقال: ما أخرجت في كتابي إلا حديثاً عمل به بعض الفقهاء.

فعلى هذا الأصل كل حديث احتجَّ به محتج أو عَمِلَ بموجبه عامل، أخرجه سواء صحَّ طريقه أم لم يصح، وقد أزاح عن نفسه، فإنه تَكَلَّم على كل حديثٍ بما فيه، وكان من طريقته أن يترجم الباب الذي فيه حديث مشهور عن صحابي قد صح الطريق إليه، وأُخْرِجَ حديثه في الكتب الصحاح، فيورد في الباب ذلك الحكم من حديث صحابي أخر لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015