وماخاب بين الله والنَّاس عاملٌ ... له في النّقى أو في المحامد سوق
ولا ضاق فضل الله عن متعفّفٍ ... ولكنَّ أخلاق الرِّجال تضيق
وقال آخر:؟ إذا كنت في دارٍ وحاولت رحلةٍ فدعها وفيها إن رجعت معاد وقال آخر:
خلِّط فهذا زمانٌ فيه تخليط ... والنَّاس صنفان محرومٌ ومغبوط
ولا تقم ببلادٍ لا انتفاع بها ... فالأرض واسعةٌ والرِّزق مبسوط
ولا تكن غرَّةًٍترضى بغير رضىً ... فإنَّ رزقك عند الله مخطوط
وقال جواس الكلبي:
وإذا العلج أغلق الباب دوني ... لم يحرِّم على متن الطَّريق
وكفاني جفاء من يزدريني ... قطعي الخرق بالمروخ الحروق
وقال آخر:
اصبر على حدث الزَّمان فإنَّما ... فرج الشَّدائد مثل حلِّ عقال
وإذا خشيت تعذُّراً في بلدةٍ ... فاشدد يديك بعاجل التِّرحال
إنَّ المقام على الهوان مذلَّةٌ ... والعجز أضعف حيلة المحتال
وقال يحيى بن حكم الغزال:
وإنَّ مقامي شطر يومٍ بمنزلٍ ... أخاف على نفسي به لكثير
وقد يهرب الإنسان من خيفة الردى ... فيدركه ما خاف حيث يسير
وقال المتنبي:
إذا لم أجد في بلدةٍ ما أريده ... فعندي لأخرى عزمةٌ وركاب
وقال أبو عثمان العروضي في مهموزته:
إنَّ الفتى كلَّ الفتى من رأى ... هوانه أقبح ما قد رأى
اهرب عن الذُّلِّ وعجِّل فما ... أقربه من كلِّ من أبطآ
لو جرحت رأسي يدا منصفٍ ... لما تمنَّيت بأن أبرآ
ولي حين رحلت من إشبيلية:
وقائلةٍ مالي أراك مرحّلاً ... فقلت لها: صه واسمعي القول مجملا
تنكَّر من كنَّا نسرُّ بقربه ... وعاد زعافاً بعدما كان سلسلا
وحقَّ لجارٍ لم يوافقه جاره ... ولا لاء مته الدَّار أن يترحَّلا
بليت بخفضٍ والمقام ببلدةٍ ... طويلاً لعمري مخلقٌ يورث البلا
إذا هان حرٌ عند قومٍ أتاهم ... ولم ينأ عنهم كان أعمى وأجهلا
ولم تضرب الأمثال إلاَّ لعالمٍ ... ولا عوتب الإنسان إلاَّ ليعقلا
وقال ابن حازم، أو ابن بسام:
وإن نبا منزلٌ بحرٍّ ... فمن مكانٍ إلى مكان
لا يلبث الحرُّ في مكانٍ ... ينسب فيه إلى هوان
الحرُّ حرٌّ وإن تعدَّت ... عليه يوماً يد الزَّمان
والنَّذل نذلٌ وإن تكنَّى ... وصار ذا منطقٍ وشان
فاسترزق الله واستعنه ... فإنَّه خير مستعان
وقال أبو الفتح:
متى رفضتني دار قومٍ تركتها ... وإن لم يكن منها ومن أهلها بد
وقال حبيب:
لا يمنعنَّك خفض العيش في دعةٍ ... نزوع نفسٍ إلى أهلٍ وأوطان
تلقى بكلِّ بلادٍ إن نزلت بها ... أهلاً بأهل وإخواناً بإخوان
وقال ابن أبي حبيش:
يا نازلاً ببطليوسٍ إذا ظفرت ... يوماً يداك بيوم البين فاستبق
ولا تقم ببلادٍ لا يعاد بها ال ... مرضى وعجِّل على ما فيك من رمق
إنَّ المقام بأرضٍ لا يزار بها ... ولا يعاد أخو الشَّكوى من الحمق
ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب في مسيره إلى العمرة، فقال: " يا أخي لا تنسنا من دعائك ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا خرج أحدكم إلى سفر فليودع إخوانه، فإن الله جاعل له في دعائهم بركة ".
وكان عبد الله بن عمر إذا ودع رجلا يقول: استودع الله دينك، وأمانتك، وخواتم عملك.
قال الشعبي: السُّنة إذا قدم رجل من سفر، أن يأتيه إخوانه فيسلّموا عليه، إذا خرج إلى سفر أن يأتيهم فيودعهم ويغتنم دعائهم.
ودع شعبة بن الحجّاج رجلا خارجاً إلى الحج فقال له:أما إنَّك إن لم تعدَّ الحلم ذلاً، ولا السّفه شرفاً، سلم حجُّك.
ودع عبد الله بن المبارك رجلا، فقال:
ونحن ننادي أنّ فرقة بيننا ... فراق حياةٍ لا فراق ممات