وقال إبراهيم الموصلي:

تقضَّت لباناتٌ وجدّ رحيل ... ويشف من أهل الصَّفاء غليل

ومدَّت أكفٌ للوداع تصافحت ... وكادت عيونٌ للفراق تسيل

ولا بد للإلفين من ذمِّ لوعةٍ ... إذا ماالخليل بان عنه خليل

فكم من دمٍ قد طلّ يوم تحمَّلت ... أوانس لا يودى لهنّ قتيل

غداة جعلت الصَّبر شيئاً نسيته ... وأعولت لو أجدى عليك عويل

وقال محمد بن مقسم، أنشده له ابنه أبو الحسن أحمد بن مقسم:

فراق الأحبَّة داءٌ دخيلٌ ... ويوم الرَّحيل لنفسٍ رحيل

سمعت ببينك فاعتادني ... غليلٌ ببقلبي وحزنٌ طويل

أهذا ولم يك يوم الفراق ... فإن كان لا كان زاد الغليل

وأيقنت أنِّي به تالفٌ ... ما قد وصفت عليه دليل

حياة الخليل حضور الخليل ... ويفنى إذا غاب عنه الخليل

وقال آخر:

بكت عيني غداة البين حزناً ... والأخرى بالبكا بخلت علينا

فجازيت التي جادت بدمع ... بأن أقررتها بالوصل عينا

وجازيت التي جادت بدمعٍ ... بأن غمّضتها يوم التقينا

وقال الزبير بن بكار: شيعني إسحاق بن إبراهيم وقال:

فراقك مثل فراق الحياة ... وفقدك مثل افتقاد الدّيم

عليك السَّلام فكم من وفاءٍ ... أفارق منك وكم من كرم

وقال آخر:

ودّع أحبابه فما وقفوا ... ولا على ذي صبابةٍ عطفوا

كم كبدٍ قطعوا بينهم ... وكم دموعٍ عليهم تلف

كأنَّهم لم يجاوروك ولم ... تعرفهم والوصال مؤتلف

وقال آخر:

لم أنس يوم الرَّحيل موقفها ... وطرفها في دموعها غرق

وقولها والرِّكاب واقفةٌ ... تركتني هكذا وتنطلق

وقال آخر:؟

ليس شيءٌ من الفراق وإن كا ... ن أخو الوجد والهاً كلفا

أحرق من وقفة المشيِّع للقل ... ب يريد الرُّجوع منصرفا

وقال آخر:

أقول له حين ودَّعته ... وكلٌّ بعشرته مبلس

لئن رجعت عنك أجسامنا ... لقد سافرت معك الأنفس

وقال آخر:

من يكن يكره الفراق فإنِّي ... أشتهيه لموضع التَّسليم

إنَّ فيه اعتناقةً لوداعٍ ... وانتظار اعتناقةٍ لقدوم

وقال آخر:

صاح الغراب بوشك البين فارتحلوا ... وقرَّبوا العيس قبل الصُّبح واحتملوا

وغادروا القلب ما تهدا لواعجه ... كأنَّه بضرام النَّار مشتعل

وفي الجوانح نار الحبِّ تقذفها ... أيدي النّوى بزناد الشَّوق إذ رحلوا

لمَّا أناخوا قبيل الصّبح عيرهم ... ورحَّلوها وسارت بالدُّمى الإبل

وقلَّبت من خلال السُّجف ناظرها ... ترنو إليًّ ودمع العين منهمل

وودّعت ببنان عقده عنمٌ ... ناديت: لا حملت رجلاك يا جمل

ويحيى من البين ماذا حلَّ بي وبهم ... من نازل البين حلَّ البين وارتحلوا

يا راحل العيس عرِّج كي نودِّعهم ... يا راحل العيس في ترحالك الأجل

إنِّي على العهد لم أنقض مودّتهم ... يا ليت شعري لطول البين ما فعلوا

أنشدني أبو القاسم خلف بن قاسم رحمه الله، قال أنشدني أبو بكر بن محمد ابن عبد الله بن الصَّيدلاني، قال: أنشدني أبو الحسن علي بن سليمان بن الفضل الأخفش:

سقياً ورعياً وإيماناً ومغفرةً ... للباكيات علينا حين نرتحل

يبكي علينا ولا نبكي على أحدٍ ... أنحن أغلظ أكباداً أم الإبل

وقال آخر:

أحجَّاج بيت الله في أيِّ هودجٍ ... وفي أيِّ خدرٍ من خدوركم قلبي

أأبقى نحيل الجسم في أرض غربةٍ ... وحاديكم يحدو بقلبي مع الرَّكب

وقال عمر بن أبي ربيعة:

هاج القريض الذِّكر ... لمَّا غدوا فانشمروا

على بغالٍ شحَّجٍ ... قد ضمَّهنَّ السَّفر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015