قال غيره: اغتنم من الخير ما عجلت، ومن الهوى ما سوفت.
كان يقال: إذا غلب عليك عقلك فهو لك، وإن غلب عليك هواك فهو لعدوك.
قال عمر لمعاوية: من أصبر الناس؟ قال: من كان رأيه راداً لهواه.
قال أعرابي: ما أشد جولة الرأي عند الهوى، وأشد فطام النفس عند الصبر.
قال نفطويه:
إن المرائي لا تريد ... ك خدوش وجهك في صداها
وكذلك نفسك لا تريد ... ك عيوب نفسك في هواها
وعن نفطويه، قال: تضيّف صديقٌ لي من أهل الأدب إلى إمرأة من أهل البصرة، فتعرض لها، فقالت: أيها الرجل مالك حظ في غيرة الرجال على الحرم، فيكون ذلك زاجراً لك عن التعرض لحرم غيرك، إن لم يكن لك ناه من دين؟ أما علمت أن الأمور إلى أواخرها تؤول إلى أوائلها، وإن من عوّد نفسه الرفث والخنا كان كمن اتخذ المزابل مجلساً، وقلما مجن رجل إلا هلك.
قال الشاعر:
الحب زورٌ والهوى باطل ... والقلب ما أجريته يجري
وترك ما تهوى يسيرٌ إذا ... أعملت فيه سعة الصدر
وقال منصور النمري:
وإن امرءاً أودى الغرام بلبه ... لعريان من ثوب الفلاح سليب
قال آخر:
عين المحب كليلةٌ ... عن عيب كلِّ فتىً يود
قال عمر بن أبي ربيعة:
حسنٌ في كلِّ عينٍ من تود
وقال روح أبو همام:
وعين السخط تبصر كلَّ عيبٍ ... وعين أخي الرضا عن ذاك تعمى
وقال عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر:
فعين الرضا عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ ... ولكنَّ عين السخط تبدي المساويا
قال أبو العتاهية:
والمرء يعمى عمن يحب فإن ... أقصر عن بعض ما به أبصر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أسلب لعقول ذوي الألباب منكن ".
سئل بعض الحكماء عن العشق، فقال: شغل قلبٍ فارغ.
وجد في صحيفةٍ لبعض أهل الهند: العشق ارتياحٌ جعل في الروح، وهو معنى تنتجه النجوم بمطارح شعاعها، وتتولد الطوالع بوصلة أشكالها، وتقبله النفوس بلطيف خواطرها، وهو بعد جلاء للقلوب، وصقيل للأذهان ما لم يفرط، فإن أفرط عاد سقما قاتلا، ومرضا منهكا، لا تنفد فيه الآراء، ولا تنجع فيه الحيل، العلاج منه زيادة فيه.
حضر عند المأمون يوماً يحيى بن أكثم، وثمامة بن أشرس، فقال المأمون ليحيى: خبرني عن حد العشق فقال: يا أمير المؤمنين سوانح تسنح للعاشق يؤثرها ويهيم بها تسمى عشقا. فقال ثمامة: اسكت يا يحيى، فإنما عليك أن تجيب في مسألة من الفقه، وهذه صناعتنا. فقال المأمون: أجب يا ثمامة. فقال: يا أمير المؤمنين إذا تقادحت جواهر النفوس المتقاطعة بوصل المشاكلة أثقبت لمحنورٍ ساطع تستضيء به بواطن العقل فتهتز لإشراقه طبائع الحياة، ويتصور من ذلك اللمح نور حاضر بالنفس متصل بجوهرها فيسمى عشقا.
وصف أعرابي عاشقا، فقال: كان يستر عيناً قد درت مآقيها، ويحنو على كبد قد أعيت مداويها.
ذكر رجلٌ أيام شبابه وامرأة كان يهواها، فقال: ذلك هوى شربته النفس أيام شبابها، فاستخفت بالعاذلات وعتابها.
وصف بعض الحكماء الهوى الذي هو عشقٌ للنساء، فقال: بطن فرقَّ، وظهر فكثف، وامتنع وصفه عن اللسان فهو بين السحر والجنون، لطيف المسلك والكمون.
وقال بعض الأدباء: الهوى جليسٌ ممتع، وأليف مؤنس وصاحب مملّك، مسالكه لطيفة، ومذاهبه متضادة وأحكامه سائرة، ملك الأبدان وأرواحها، والقلوب وخواطرها، والعيون ونواظرها، والعقول وآراءها، وأعطى عنان طاعتها، وقاد نصرفها،توارى الأبصار مدخله، وغمض في القلوب مسلكه.
قال عباس بن الأحنف،فيما أنشده إسحاق الموصلي له.
فلو كان لي قلبان عشت بواحدٍ ... وخلّيت قلباً في هواك يعذّب
ولكنّما أحيا بقلبٍ مروّع ... فلا العيش يصفو لي الموت يقرب
تعلمت ألوان الرّضا خوف سخطها ... وعلّمها حبّي لها كيف تغضب
ولي ألف وجهٍ قد عرفت مكانه ... ولكن بلا قلبٍ إلى أين أذهب
وللصّمّة القشيري:
لعمري لئن كنتم على النّأى والغني ... بكم مثل مابي إنّكم لصديق