القيام به47, وبهذا سبق الإسلام كل النظم التربوية الحديثة التي تحاول الاقتراب من هذه الفكرة في مجال الحديث عن تنمية التعليم.
رابع عشر: والحديث عن تنمية التعليم يقود إلى تنمية الشخصية, وقد سبق أن ذكرنا أن هناك مدخلًا مطروحًا في التنمية, أطلقنا عليه المدخل السيكولوجي, يربط أنصاره بين التنمية ونماذج الشخصية, ومثال هذا "أفريت هيجن صلى الله عليه وسلم. Hagen" الذي يحاول علاج التنمية الاقتصادية من خلال أساليب نفسية، يربط بين النمو الاقتصادي وبين الشخصية الابتكارية Creative Personality48، "ودافيد ماكليلاند عز وجل. Mc Clelland" الذي يرى أن الشخصية هي المحرك الأول للتغير والتنمية الاقتصادية وهو يؤكد على الروح الريادية "interpreneurial spirit", وهو يربط بين التنمية وبين الشخصية المنجزة التي لديها الحاجة إلى الإنجاز "The need for achievement", ونفس الشيء بالنسبة "لشومبيتر" الذي يربط التنمية الاقتصادية بالقدرات الريادية التي يتمتع بها رجال الأعمال, وإذا حاولنا فهم الشخصية الإسلامية كما يحددها القرآن الكريم والسنة المطهرة, وكما أفاض فيها الفقهاء نجد أنها تجمع كل هذه الخصائص إلى جانب شيء مهم وأساسي وهي أن هذه الخصائص "الإنجاز, الابتكارية, حب العلم والعمل, القدرة على مواجهة المشكلات, الدقة, الصدق, الأمانة ... إلخ" تنبثق من الإيمان بالله, وتنطلق من دوافع إيمانية تمثل قوة دفع كبيرة أقوى من كل الدوافع والمنطلقات الوضعية, وقد حدد الإسلام أساليب تربية هذه الشخصية من خلال القدوة الحسنة, والترغيب والترهيب, والتوجيه, والقصة, والمحاولة والخطأ ... إلخ.
وتحدد التربية الإسلامية مُثُلًا عليا وقيمًا نهائية أمام النشء والشباب, وهذا هو أهم ما يحتاج إليه الشباب "القيم, المثل, القدوة", وهذا أن الشخصية الإسلامية قادرة على إطلاق حركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل أقوى من كل النماذج التي تحدث عنها أنصار الاتجاه السيكولوجي في التنمية50.