ثالث عشر: اهتم الإسلام بالتنمية التعليمية والتربوية بشكل واضح, فالعلم كما سبق قيمة كبرى من قيم الإسلام, ومعيار أساسي للتمايز بين الناس, وأول سورة نزلت على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بدأت بكلمة: "أقرأ", واهتم الإسلام بمحو الأمية والتعليم, لدرجة أنها كانت مدخلًا للتحرر من الأسر في الحروب, وقد تحدث بعض الفقهاء أنه يجب إتاحة الفرصة أمام الجميع لإظهار مواهبهم وقدراتهم, واستثمارها في خدمة المصلحة الخاصة والعامة، وهذا لا يتحقق إلا من خلال نظام تربوي تعليمي متدرج46, فالمرحلة التعليمية الأولى تكون عامة للأمة كلها, ولا يتخلف عنها أحد "مرحلة إجبارية". ويدخل المرحلة الثانية من لديه القدرة على متابعة الدراسة، أما من وقفت به استعداداته عند المرحلة الأولى، يدخل إلى مجال العمل المناسب حيث يكون منهم العاملون بأيديهم في الزراعة والعمارة والتجارة والصناعات اليدوية وغير ذلك مما لا يحتاج إلى تخصص مهني دقيق, أما من ينهي المرحلة الثانية من التعليم فإما أن يكون لديه القدرة على متابعة التعليم في المرحلة الثالثة حيث التخصص المهني الدقيق، فنون الطب والعسكرية والقضاء.. إلخ, وإما أن يتوقف ويتجه إلى مجالات العمل الفني التي تحتاجها الأمة "أعمال نصف ماهرة" كالصناعة والمحاسبة, ولا يدخل المرحلة الثالثة إلا من تؤهله قدراته لهذه المرحلة المتخصصة الدقيقة, والتي تؤهل بعد التخرج لتولي الوظائف التخصصية العليا, وهذا النظام يتيح أمام الجميع فرصة متكافئة للتعليم، وفرصة متكافئة للعمل في مجالات يحتاجها المجتمع من جهة وتتفق مع قدراتهم وميولهم واستعداداتهم من جهة أخرى, وعلى الدولة العمل على تأهيل أبناء المجتمع حسب ميولهم وحسب حاجة الأمة، وإذا تركت الأمة هذا العمل باءت بالإثم، وقد ذكر الإمام الشاطبي في كتابة "الموافقات" أن القيام بذلك الفرض قيام بمصلحة عامة، فهم مطالبون بسدها على الجملة أفراد الأمة جميعهم, فبعضهم قادر عليها مباشرة, وذلك من كان أهلًا لها, والباقون إن لم يقدروا عليها قادرون على إقامة القادرين, وهذا يعني أن الإسلام أوجب على الحاكم تأهيل جميع أعضاء المجتمع حسب ما يناسبهم وما يستطيعون